للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال العيني (١): قال أبو حنيفة: إذا قال الرجل: أرضي هذه صدقة، ولم يزد على هذا شيئًا أنه ينبغي له أن يتصدق بأصلها على الفقراء والمساكين، أو يبيعها ويتصدق بثمنها على المساكين، ولا يكون وقفًا، ولو مات كان جميع ذلك ميراثًا بين ورثته، انتهى.

[(١٦ - باب إذا تصدق أو أوقف بعض ماله. . .) إلخ]

هذه الترجمة معقودة لجواز وقف المنقول، والمخالف فيه أبو حنيفة، ويؤخذ منها جواز وقف المشاع، والمخالف فيه محمد بن الحسن لكن خصَّ المنع بما يمكن قسمته، واحتج له الجوري - بضم الجيم - من الشافعية بأن القسمة بيع وبيع الوقف لا يجوز، وتعقب بأن القسمة إفراز فلا محذور، ووجه كونه يؤخذ منه وقف المشاع ووقف المنقول هو من قوله: "أو بعض رقيقه أو دوابه" فإنه يدخل فيه ما إذا وقف جزءًا من العبد أو الدابة أو وقف أحد عبديه أو فرسيه مثلًا فيصح كل ذلك عند من يجيز وقف المنقول ويرجع إليه في التعيين. وشاهد الترجمة من الحديث قوله: "أمسك عليك بعض مالك" فإنه عام من أن يكون مقسومًا أو مشاعًا، انتهى مختصرًا من "الفتح" (٢).

قال العيني (٣): أما أبو حنيفة فلا يرى بالوقف أصلًا، فضلًا عن صحة وقف المنقول، وأما إذا وقف بعض ماله فهو وقف المشاع، فإنه يجوز عند أبي يوسف والشافعي ومالك؛ لأن القبض ليس بشرط عندهم، وعند محمد: لا يجوز وقف المشاع فيما يقبل القسمة؛ لأن القبض شرط عنده، انتهى.

وبجواز وقف المشاع قال أحمد، كما في "المغني" (٤).

ثم لا يذهب عليك أنهم قالوا: في غرض الترجمة أمران:


(١) "عمدة القاري" (١٠/ ٣٧).
(٢) "فتح الباري" (٥/ ٣٨٧).
(٣) "عمدة القاري" (١٠/ ٣٩).
(٤) "المغني" (٨/ ٢٣٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>