للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن ثم اتفق على أنه يجوز أن يواطئ المكره على الكفر إبقاءً لمهجته، والأفضل والأولى أن يثبت المسلم على دينه ولو أفضى إلى قتله.

وعند ابن عساكر في ترجمة عبد الله بن حذافة السهمي أحد الصحابة - رضي الله عنهم - أنه أسرته الروم، فجاؤا به إلى ملكهم، فقال له: تنصر وأنا أشركك في ملكي وأزوجك ابنتي فقال له: لو أعطيتني جميع ما تملك وجميع ما تملك العرب على أن أرجع عن دين محمد - صلى الله عليه وسلم - طرفة عين ما فعلت، فقال: إذًا أقتلك قال: أنت وذاك، قال: فأمر به فصلب، وأمر الرماة فرموه قريبًا من يديه ورجليه وهو يعرض عليه دين النصرانية فيأبى، ثم أمر به فأنزل، ثم أمر بقدر - وفي رواية ببقرة - من نحاس، فأحميت وجاء بأسير من المسلمين فألقاه، وهو ينظر فإذا هو عظام تلوح، وعرض عليه فأبى، فأمر به أن يلقى فيها فرفع في البكرة ليلقى فيها فبكى فطمع فيه ودعاه، فقال: إني إنما بكيت لأن نفسي إنما هي نفس واحدة تلقى في هذا القدر الساعة في الله، وأحببت أن يكون لي بعدد كل شعرة في جسدي نفس تعذب هذا العذاب في الله، وروي أنه قبّل رأسه وأطلقه وأطلق معه جميع أسارى المسلمين عنده، فلما رجع قال عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -: حق على كل مسلم أن يقبّل رأس عبد الله بن حذافة، وأنا أبدأ، فقال: فقبّل رأسه، انتهى من "القسطلاني"، وهكذا في التفسير لابن كثير (١).

وقال الحافظ (٢): والمشهور أن الآية المذكورة نزلت في عمار بن ياسر، ثم ذكر عدة روايات، فارجع إليه لو شئت.

[(١ م - باب من اختار الضرب والقتل والهوان على الكفر)]

قال الحافظ (٣): تقدمت الإشارة إلى ذلك في الباب الذي قبله، وأن


(١) "تفسير ابن كثير" (٨/ ٣٦٠) ط: مؤسسة قرطبة.
(٢) "فتح الباري" (١٢/ ٣١٢).
(٣) "فتح الباري" (١٢/ ٣١٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>