للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لوط: {فَأَسْرِ} فقرئت بالوجهين، وفيه تعقب على من قال من أهل اللغة: إن أسرى وسرى بمعنى واحد، قال السهيلي: السري من سريت إذا سرت ليلًا، يعني: فهو لازم، والإسراء يتعدى في المعنى لكن حذف مفعوله حتى ظن من ظن أنهما بمعنى واحد، وإنما معنى {أَسْرَى بِعَبْدِهِ} جعل البراق يسري به كما تقول: أمضيت كذا بمعنى جعلته يمضي، لكن حسن حذف المفعول لقوة الدلالة عليه أو الاستغناء عن ذكره؛ لأن المقصود بالذكر المصطفى لا الدابة التي صارت به، وأما قصَّة لوط فالمعنى سر بهم على ما يتحملون عليه من دابة ونحوها، هذا معنى القراءة بالقطع، ومعنى الوصل سر بهم ليلًا، ولم يأت مثل ذلك في الإسراء؛ لأنه لا يجوز أن يقال: سرى بعبده بوجه من الوجوه، انتهى.

والنفي الذي جزم به إنما هو من هذه الحيثية التي قصد فيها الإشارة إلى أنه سار ليلًا على البراق، وإلا فلو قال قائل: سرت بزيد بمعنى صاحبته لكان المعنى صحيحًا، انتهى.

وهكذا بسط الكلام العلَّامة القسطلاني في تحقيق هذا اللفظ وقال أيضًا (١): قوله: {لَيْلًا} بلفظ التنكير قال الزَّمخشري: ليفيد تقليل مدة الإسراء، وأنه أسري في بعض الليل من مكة إلى الشام مسيرة أربعين ليلة، فدل على أن التنكير دل على البعضية، ويشهد لذلك قراءة عبد الله وحذيفة: من الليل، أي: بعضه كقوله: {وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ} [الإسراء: ٧٩]، انتهى.

(٤ - باب قوله: {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ. . .} [الإسراء: ٧٠]) إلخ

وهكذا في نسخة "الفتح" و"العيني"، وفي نسخة "القسطلاني": قوله: " {كَرَّمْنَا} وأكرمنا واحد" قال القسطلاني (٢): ولأبي ذر "باب قوله تعالى: {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ. . .} " إلخ، انتهى.


(١) "إرشاد الساري" (١٠/ ٣٩٨).
(٢) "إرشاد الساري" (١٠/ ٤٠١).

<<  <  ج: ص:  >  >>