للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهكذا أوردوا على "باب التسمية" بأن حقه كان التقديم على الباب السابق، وليس كذلك عندي، بل هو في محله، وإنما أراد البخاري منه التسمية عند الدخول في الخلاء، ولذا قدمه على "باب ما يقول عند الخلاء"، والوضوء عندي لم يشرع بعد.

وهكذا أوردوا على "باب غسل الأعقاب"، فإنه في غير محلِّه جدًا، وليس كذلك عندي، بل ذكره بعد المضمضة، إشارة إلى ندب الغرغرة في المضمضة.

وليس باب منها إلا وله مناسبة لطيفة بالمحل الذي ذكره فيه البخاري، إلا أنه إذا ذكر مسألة في محلٍّ لمناسبة لا يعيدها مرة أخرى في محله تحرزًا عن التكرار، فللَّه ما أدقّ نظره!

وسيأتي شيء من ذلك في أول أبواب الوضوء في هامش "اللامع" (١)، ولا يلتبس عليك هذا الأصل بالسابع والستين.

[٦٤ - الرابع والستون: تبديل لفظ الحديث في الترجمة لبديعة]

ما ظهر لهذا الفقير أيضًا أن الإمام البخاري قد يُغَيِّر لفظ الحديث في الترجمة لبديعة يرشد إليها الناظر شحذًا لذهنه في أنواع الاستخراج من الحديث.

مثلًا: ورد في الحديث ولفظه للبخاري: "من غدا إلى المسجد وراح أعدّ الله له نُزُله من الجنة كلما غدا أو راح" (٢)، وترجم عليه في نسخة "الفتح" (٣) وغيره: "باب فضل من غدا إلى المسجد ومن راح"، قالوا: هذه الترجمة أقرب وأوضح لموافقة سياق الحديث.

لكن النسخ التي بأيدينا فيها: "باب فضل من خرج إلى المسجد


(١) انظر: "لامع الدراري" (٢/ ٩٣).
(٢) "صحيح البخاري" (ح: ٦٦٢).
(٣) انظر: "فتح الباري" (٢/ ١٤٨) و"عمدة القاري" (٤/ ٢٥٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>