للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد تقدم بيان من جزم بأنها من جملة الحديث، وبيان من توقف فيها أو جزم بأنها من قول نافع، وقوله في حديث أبي هريرة: "فاستسعي به غير مشقوق عليه. . ." إلى آخر ما قال، انتهى.

قلت: كذا قال الحافظ في غرض الترجمة، وعندي ليس كذلك، بل الغرض عندي أن الإمام البخاري - رحمه الله - أشار بذلك إلى الرد على من أنكر الاستسعاء، وهو مذهب الأئمة الثلاثة، وقد اعترف به الحافظ حيث قال بعد قول البخاري: "تابعه حجاج ابن حجاج. . ." إلخ؛ كأنه أشار بهذا إلى الرد على من زعم أن الاستسعاء في هذا الحديث غير محفوظ، وأن سعيد بن أبي عروبة تفرد به، فاستظهر له برواية جرير بن حازم بموافقته، ثم ذكر ثلاثة تابعوهما على ذكرها، انتهى، فافهم.

[(٦ - باب الخطإ والنسيان في العتاقة والطلاق. . .) إلخ]

قال الحافظ (١): "ونحوه" أي: من التعليقات لا يقع شيء منها إلا بالقصد، وكأنه أشار إلى رد ما روي عن مالك أنه يقع الطلاق والعتاق عامدًا كان أو مخطئًا ذاكرًا كان أو ناسيًا، وقد أنكره كثير من أهل مذهبه، ووقوع الخطإ في الطلاق والعتاق أن يريد أن يلفظ بشيء غيرهما فيسبق لسانه إليهما، وأما النسيان ففي ما إذا حلف ونسي، انتهى.

وفي هامش "اللامع" (٢): اختلفت الأئمة في فروع هاتين المسألتين كما بسط في شروح البخاري و"الأوجز" و"المغني"، والجملة ما في "العيني": قال أصحابنا: طلاق الخاطئ والناسي والهازل واللاعب والذي يتكلم به من غير قصد واقع. وفي "التوضيح": قد اختلف العلماء في الناسي في يمينه هل يلزمه حنث أم لا؟ على قولين: أحدهما: لا، وهو أحد قولي الشافعي، وبه قال إسحاق، وإليه ذهب البخاري في الباب،


(١) "فتح الباري" (٥/ ١٦٠).
(٢) "لامع الدراري" (٦/ ٣٧٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>