للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبسط الحافظ الكلام على هذه المسألة ههنا وعلى دلائل الفريقين.

ثم ذكر المصنف في هذا الباب حديثين، فمطابقة الأول منهما بالترجمة ظاهرة، وأما مطابقة الحديث الثاني.

فقال العيني (١): وجه إيراد هذا الحديث أن الحكم بحسب الظاهر، ولو كان في نفس الأمر خلاف ذلك، فإنه - صلى الله عليه وسلم - حكم في ابن وليدة زمعة بحسب الظاهر، وإن كان في نفس الأمر ليس من زمعة، ولا يسمى ذلك خطأ في الاجتهاد، فيدخل هذا في معنى الترجمة، وهكذا يوجد في كلام الحافظ (٢) وتبعه القسطلاني (٣) أيضًا.

وأما الشيخ قُدِّس سرُّه (٤) فإنه وإن ذكر مطابقة الحديث بالترجمة على هذه الوتيرة (٥) لكن بعكس ما قال الشراح حيث قال: ودلالة الرواية الثانية على الترجمة باعتبار أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لو قضى بالولد لأخي عتبة بحسب ما يظهر له من حجة - وهي مشابهته به - هي خلاف الواقع، لم يثبت نسب ولده منه بحسب نفس الأمر، ولم يكن ابنه في الواقع، فإن الولد للفراش لا غير، انتهى.

فللّه در الشيخ قُدِّس سرُّه، فإنه جعل حكمه - صلى الله عليه وسلم - بإلحاق الولد لزمعة موافقًا لما في نفس الأمر، ومطابقًا للواقع بخلاف الشرَّاح فإنهم جعلوا هذا الحكم موافقًا للظاهر دون الواقع، ففي صنيع الشيخ قُدِّس سرُّه من حسن التأدب ما ليس في صنيعهم.

[(٣٠ - باب الحكم في البئر ونحوها)]

قال ابن المنيِّر: وجه دخول هذه الترجمة في القصة مع أنه لا فرق بين البئر والدار والعبد حتى ترجم على البئر وحدها، أنه أراد الردّ على من زعم


(١) "عمدة القاري" (١٦/ ٤٣٥).
(٢) "فتح الباري" (١٣/ ١٧٥).
(٣) "إرشاد الساري" (١٥/ ١٦٤).
(٤) "لامع الدراري" (١٠/ ٢٦٠).
(٥) وقع في الأصل: "الوطيرة" بالطاء وهو خطأ.

<<  <  ج: ص:  >  >>