للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وليته للآخر بشرط أن يزوجه وليته، والثاني خلو بضع كل منهما من الصداق، فمنهم من اعتبرهما معًا حتى لا يمنع مثلًا إذا زوج كل منهما الآخر بغير شرط وإن لم يذكر الصداق، أو زوج كل منهما الآخر بالشرط وذكر الصداق، وذهب أكثر الشافعية إلى أن علة النهي الاشتراك في البضع لأن بضع كل منهما يصير مورد العقد، وجعل البضع صداقًا مخالف لإيراد عقد النكاح، وليس المقتضي للبطلان ترك ذكر الصداق لأن النكاح يصح بدون تسمية الصداق، إلى آخر ما بسط في فروع المسألة.

وأما حكمه ففي هامش "الكوكب" (١): قال النووي: أجمعوا على أنه منهي عنه لكن اختلفوا هل هو نهي يقتضي إبطال النكاح أم لا؟ فعند الشافعي يقتضي إبطاله، وحكاه الخطابي عن أحمد وإسحاق، وقال مالك: يفسخ قبل الدخول وبعده، وفي رواية قبله لا بعده، وقال جماعة: يصح بمهر المثل، وهو مذهب أبي حنيفة، وحكي عن الزهري والليث وهو رواية عن أحمد وإسحاق، وبه قال أبو ثور وابن جرير، كذا في "البذل"، انتهى.

[(٢٩ - باب هل للمرأة أن تهب نفسها لأحد)]

اعلم أن في الترجمة والحديث عدة مباحث: الأول: أن هبة المرأة نفسها خاص بالنبي - صلى الله عليه وسلم - أو يعم غيره أيضًا؟ وإليه أشار الإمام البخاري بقوله: "هل" ويتفرع على الثاني اختلافهم في أن النكاح بلفظ الهبة جائز أم لا؟ وهو البحث الثاني، والبحث الثالث: هل يجوز النكاح بغير صداق كما يدل عليه لفظ الهبة، ويتضمن هذا مسألتين: الأولى: هل يصح النكاح بغير ذكر الصداق، والثانية: هل يصح بنفي الصداق أم لا؟ والأنسب لهاتين المسألتين ما سيأتي من تبويب المصنف "باب التزويج على القرآن وبغير صداق" فنذكرهما هناك إن شاء الله تعالى.


(١) "الكوكب الدري" (٢/ ٢٣٥)، و"بذل المجهود" (٧/ ٦٣٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>