للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وما أفاده الشيخ أقرب إلى سياق البخاري، ثم قال بعد ذكر ما تقدم عن القسطلاني: وما يظهر من التدبر في أقوال هؤلاء المشايخ الكبار أن قول البخاري: "أحطنا بهم" إن كان من الإحاطة فهو تفسير لقوله: {أَتَّخَذْنَاهُمْ سِخْرِيًّا} ووجه تفسير السخرية بالإحاطة هو ما أفاده الشيخ قُدِّس سرُّه، وعلى هذا يكون معنى الآية: ما لنا لا نرى في جهنم رجالًا كنا نعدهم في الدنيا من الأشرار وكنا نحيط بهم في الدنيا بالسخرية أم هم موجودون في جهنم ولا نراهم؟ وأما على قول الدمياطي وغيره من أن الصواب "أخطأناهم" بالخاء المعجمة بدل "أحطنا بهم" فيكون هذا تفسيرًا لقوله تعالى: {أَمْ زَاغَتْ عَنْهُمُ الْأَبْصَارُ} وظاهر سياق البخاري الأول، انتهى من هامش "اللامع".

(١ - باب قوله: {وَهَبْ لِي مُلْكًا لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي} الآية [ص: ٣٥])

أي: لا يصلح لأحد أن يسلبنيه، وظاهر السياق أنه سأل ملكًا لا يكون لبشر من بعده مثله ليكون معجزة مناسبة لحاله، انتهى من "القسطلاني" (١).

قال العلامة العيني (٢) بعد ذكر حديث الباب: مطابقته للترجمة ظاهرة، والحديث مرَّ في كتاب الصلاة في "باب الأسير أو الغريم يربط في المسجد" بعينه متنًا وسندًا، انتهى.

قوله: (فذكرت قول أخي سليمان) قال الحافظ (٣): وأما ما أخرج الطبري عن قتادة قال في قوله: {لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي} لا أسلبه كما سلبته أول مرة، وظاهر حديث الباب يردّ عليه، وكأن سبب تأويل قتادة هذا هكذا طعن بعض الملاحدة على سليمان ونسبته في هذا إلى الحرص على الاستبداد بنعمة الدنيا، وخفي عليه أن ذلك بإذن له من الله وأن تلك كانت معجزته، كما اختص كل نبي بمعجزة دون غيره، والله أعلم، انتهى.


(١) "إرشاد الساري" (١١/ ٢١).
(٢) "عمدة القاري" (١٣/ ٢٦٩).
(٣) "فتح الباري" (٨/ ٥٤٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>