للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

البسملة قبل الكتاب وتارةً بعده كما ها هنا، وسيأتي جوابه في كلام "القسطلاني".

قال القسطلاني (١): ولما فرغ المؤلف من باب الوحي الذي هو كالمقدمة لهذا الكتاب الجامع شرع يذكر المقاصد الدينية وبدأ منها بالإيمان؛ لأنه ملاك الأمر كله؛ لأن الباقي مبني عليه ومشروط به، وهو أول واجب على المكلف، فقال مبتدئًا: {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} كأكثر كتب هذا الجامع تبركًا وزيادة في الاعتناء بالتمسُّك بالسُّنَّة، واختلفت الروايات في تقديمها هنا على كتاب أو تأخيرها عنه، ولكلٍّ وجهٌ، ووجه الثاني: بأنه جعل الترجمة قائمة مقام تسمية السورة، ووجه الأول ظاهر، انتهى.

(٢ - باب قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: بُنِي الإسلام على خمس. . .) إلخ

المعروف على الألسن أن هذه الأبواب كلها ردٌّ على الحنفية القائلين ببساطة الإيمان، بخلاف المحدثين والجمهور القائلين بتركيبه. وهذا ليس بصحيح، فإنه لا خلاف بين أهل السُّنَّة في هذه المسألة أصلًا، ولذا قال مولانا الشاه ولي الله الدهلوي في "تراجمه" (٢): اضطرب كلام الشرَّاح في بيان غرض القدماء من المحدِّثين في مسألة الإيمان، وذلك أنهم حكموا بأن من صدّق بقلبه وأقرّ بلسانه ولم يعمل عملًا قط فهو مؤمن، وحكموا بأن الأعمال من الإيمان، فأشكل عليهم أن الكلَّ لا يوجد بدون الجزء.

وأفاد مولانا شيخ الهند قُدِّس سرُّه في "تراجمه": أن في المسألة ثلاثة مذاهب:

أحدها: أن الأعمال أجزاء حقيقة الإيمان، وإذا فات الجزء فات الكل، هذا مذهب الخوارج والمعتزلة، وثانيها: أن لا علاقة بين الإيمان


(١) "إرشاد الساري" (١/ ١٤٣).
(٢) (ص ٢٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>