للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال القسطلاني: رواة حديث الباب كلهم بصريون، و [إسناد] الحديث السابق مصريون، والذي قبله كوفيون فوقع التسلسل في الأبواب الثلاثة على الولاء.

[(٨ - باب حب الرسول من الإيمان. . .) إلخ]

عامة الشرَّاح على أن المحبة هنا عقلية، ولكن والدي نوَّر الله مرقده كان يقول: إن المحبة تعم العقلية والطبعية كليهما، ولكن المحبة الطبعية تسترها العوارض أحيانًا وتظهر عند التزاحم، ومثال ذلك: رجل يكون له ولد يحبه حُبًّا جمًّا، ولا يغفل عنه ساعة، ولكنه لو وضع هذا الطفلُ الحبيبُ قَدَمَه على القرآن الكريم فماذا سيكون؟ إن الوالد سيرمي بابنه بعيدًا ويضطرب لما حدث، هكذا لو أساء حبيبُ أحدٍ في ذات الرسول - صلى الله عليه وسلم -، فلا يمكن لمسلم أن يتحمَّل ذلك مهما بلغت محبة الحبيب.

وقد أخرج أبو داود والنسائي (١) عن ابن عباس: "أن أعمى كانت له أم ولد تشتم النبي - صلى الله عليه وسلم - وتقع فيه، فينهاها فلا تنتهي، ويزجرها فلا تنزجر، قال: فلما كانت ذات ليلة جعلت تقع في النبي - صلى الله عليه وسلم - وتشتمه، فأخذ المِعْولَ فوضعه في بطنها، واتكأ عليها فقتلها، فوقع بين رجليها طفل، فلطخت ما هنالك بالدم، فلما أصبح ذُكِر ذلك للنبي - صلى الله عليه وسلم -، فجمع الناس فقال: أنشد اللهَ رجلًا فعل ما فعل، لي عليه حق إلا قام، فقام الأعمى يتخطّى الناسَ وهو يتزلزل حتى قعد بين يدي النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله! أنا صاحبها، كانت تشتمك وتقع فيك فأنهاها فلا تنتهي، وأزجرها فلا تنزجر، ولي منها ابنان مثلُ اللؤلؤتين، وكانت بي رفيقة، فلما كان البارحة جعلت تشتمك وتقع فيك، فأخذت المِعْوَلَ فوضعته في بطنها، واتكأت عليها حتى قتلتها، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ألا اشهدُوا أنّ دمها هدر".

ومما ينبغي التنبيه عليه ما في "الأرواح الثلاثة" ما تعريبه ملخصًا


(١) "سنن أبي داود" (ح: ٤٣٦١)، و"سنن النسائي" (ح: ٤٠٧٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>