للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويمكن التفصِّي عنه بأن ما سيأتي مقيد بـ "راكبًا"، فالجواز في حالة الركوب، وههنا الرد على كونه ماشيًا.

(٣ - باب يحرس بعضهم بعضًا)

قال الحافظان ابن حجر والعيني (١): قال ابن بطال: محلُّ هذه الصورة إذا كان العدوُّ في جهة القبلة ولا يفترقون، والحالة هذه، بخلاف الصورة الماضية في حديث ابن عمر. وقال الطحاوي: ليس هذه بخلاف القرآن، لجواز أن يكون قوله تعالى: {وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَى} [النساء: ١٠٢] إذا كان العدو في غير القبلة، وذلك ببيانه - صلى الله عليه وسلم -، ثم بَيَّنَ كيفية الصلاة إذا كان العدو في جهة القبلة، انتهى.

وفي "الفيض" (٢): لم أتحصل هذه الترجمة، فإن الحراسة مرعية في الصفات كلها، ولا اختصاص لها بصفة دون صفة، ولقائل أن يقول: إنه ترجم به لذكر الحراسة في متن الحديث، فهذه الترجمة نظرًا إلى لفظ الحديث لا إشارة إلى مسألة، أو دفعًا لمغلطة، ثم إن الصورة المذكورة أنفع فيما لو كان العدو إلى القبلة، انتهى.

وسكت عن غرض الترجمة صاحب التيسير وشيخ الإسلام وغيرهما. وما ظهر لهذا العبد الفقير: أن الإمام البخاري لم يرد بالترجمة صورةً خاصةً، بل نَبَّهَ بالترجمة على أمرٍ مهمٍّ في صلاة الخوف مستدلًّا عليه بلفظ الحديث: "يحرس بعضهم بعضًا"، وهو أنّ ما ورد في الروايات الكثيرة من الإقبال إلى الصلاة والنظر فيها إلى مواضع خاصة، وأن الالتفات فيها اختلاس من الشيطان، وأنّ الله تعالى لا يزال مقبلًا ما لم يلتفت، وغير ذلك، فصلاة الخوف مستثناة من هذه الأمور، فإن الغرض من شرعيتها أن


(١) "فتح الباري" (٢/ ٤٣٣)، و "عمدة القاري" (٥/ ١٤٠)، و"شرح صحيح البخاري" لابن بطال (٢/ ٥٤٠).
(٢) "فيض الباري" (٢/ ٣٥٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>