للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[(٥٢ - باب إتيان اليهود النبي - صلى الله عليه وسلم - حين قدم المدينة)]

قال العيني (١): قوله: "هادوا صاروا يهود. . ." إلخ، مشى البخاري ههنا على عادته في ذكر ألفاظ من القرآن مما يماثل لفظ الحديث، فإن قوله: {هَادُوا} مذكورين في قوله: {وَمِنَ الَّذِينَ هَادُوا سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ} [المائدة: ٤١] ومعناه هنا: صاروا يهود، وأما قوله: {هُدْنَا فمذكور في قوله: {إِنَّا هُدْنَا إِلَيْكَ} [الأعراف: ١٥٦] ومعناه: تُبنا إليك، وكذا فسَّر أبو عبيدة اللفظين المذكورين. انتهى.

قال الحافظ (٢): وذكر ابن عائذ من طريق عروة: أن أول من أتاه منهم أبو ياسر بن أخطب أخو حيي بن أخطب، فسمع منه، فلما رجع قال لقومه: أطيعوني فإن هذا النبي الذي كنا ننتظر، فعصاه أخوه وكان مطاعًا فيهم، فاستحوذ عليه الشيطان، فأطاعوه على ما قال.

وروى أبو سعيد في "شرف المصطفى" من طريق سعيد بن جبير: جاء ميمون بن يامين - وكان رأس اليهود - إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله ابعث إليهم فاجعلي حكمًا، فإنهم يرجعون إلي، فأدخله داخلًا، ثم أرسل إليهم فأتوه فخاطبوه، فقال: اختاروا رجلًا يكون حكمًا بيني وبينكم، قالوا: قد رضينا ميمون بن يامين، فقال: اخرج إليهم، فقال: أشهد أنه رسول الله؛ فأبوا أن يصدقوه.

وذكر ابن إسحاق أن النبي - صلى الله عليه وسلم - وادع اليهود لما قدم المدينة وامتنعوا من اتباعه، فكتب بينهم كتابًا، وكانوا ثلاث قبائل: قينقاع والنضير وقريظة. فنقض الثلاثة العهد طائفة بعد طائفة، فمنّ على بني قينقاع وأجلى بني النضير واستأصل بني قريظة، وسيأتي بيان ذلك كله مفصلًا إن شاء الله تعالى.

وذكر ابن إسحاق أيضًا عن الزهري: سمعت رجلًا من مزينة يحدث سعيد بن المسيب عن أبي هريرة: أن أحبار يهود اجتمعوا في بيت المدراس


(١) "عمدة القاري" (١١/ ٦٦٠).
(٢) "فتح الباري" (٧/ ٢٧٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>