للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي "الأوجز" (١): قال الباجي: يريد أن هذا الهدي الكامل الصفات والفضائل، وقال الزرقاني: فغيره ليس بهدي إن اشتراه بمكة أو منى، ولم يخرج به إلى الحل، وعليه بدله، فإن ساقه من الحل استحب وقوفه بعرفة، هذا قول مالك وأصحابه، والأصل في ذلك أن الهدي من شرطه أن يجمع فيه بين الحلِّ والحرم، ولا يجزئ من اشتراه بالحرم أن ينحره بالحرم، دون أن يخرجه إلى الحل، هذا مذهب مالك، وقال أبو حنيفة والشافعي: إن اشتراه في الحرم ونحره فيه أجزأه، انتهى.

وقال الموفق: ليس من شرط الهدي أن يجمع فيه بين الحل والحرم، ولا أن يقفه بعرفة، لكن يستحب ذلك، إلى آخر ما بسط في "الأوجز".

(١٠٦ - باب من أشعر وقلَّد بذي الحليفة. . .) إلخ

قال ابن بطال (٢): غرضه أن يبين أن المستحب أن لا يشعر المحرم ولا يقلد إلا في ميقات بلده، انتهى.

قال الحافظ (٣): والذي يظهر أن غرضه الإشارة إلى رد قول مجاهد: لا يشعر حتى يحرم، أخرجه ابن أبي شيبة لقوله في الترجمة: "من أشعر ثم أحرم". وظاهر حديث الباب من قوله: "قلد وأحرم" أن البداءة بالتقليد، انتهى.

والأوجه عندي في غرض الترجمة أنها رد لمن ذهب من الفقهاء إلى أن التقليد لمريد النسك يوجب الإحرام ويصير الرجل به محرمًا كما ذهب إليه الثوري وأحمد وإسحاق، وقال أصحاب الرأي: من ساق الهدي وأمَّ البيت ثم قلَّد وجب عليه الإحرام، وقال الجمهور: لا يصير بتقليد الهدي محرمًا، ولا يجب عليه شيء، كما بسط في "الأوجز" و"الفتح".


(١) "الأوجز" (٧/ ٥٢٩).
(٢) "شرح ابن بطال" (٤/ ٣٨٠).
(٣) "فتح الباري" (٣/ ٥٤٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>