للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ودرّس المجلد الأول من "صحيح البخاري" خمسًا وعشرين مرة، و"صحيح البخاري" كاملًا ست عشرة مرة، و"سنن أبي داود" ثلاثين مرة.

ولم يكن يُدرس الحديث فقط مثل عامة الأساتذة، بل صار الحديث ذوقه وروحه وغذاءه، حيث شغفه حبه واختلط بلحمه ودمه (١).

[استفادته من شيخه لتأليف الكتب الحديثية]

كان مما أكرمه الله به أن شيخه أبدى رغبته وحرصه الشديد على وضع شرحٍ لسنن أبي داود، وطلب من الشيخ محمد زكريا أن يساعده في ذلك، وأن يكون له فيه عضده الأيمن وقلمه الكاتب، وكان ذلك مبدأ سعادته وإقباله ووسيلة وصوله إلى الكمال، واختصاص لا مزيد عليه بالشيخ، فكان الشيخ خليل أحمد يرشده إلى المظان والمصادر العلمية التي يلتقط منها المواد، فيجمعها الشيخ محمد زكريا ويعرضها على شيخه، فيأخذ منها ما يشاء، ويترك ما يشاء، ثم يُملي عليه الشرح فيكتبه، وهكذا تمّ تأليف كتاب، "بذل المجهود في حَلّ سنن أبي داود".

وفتح ذلك قريحته في التأليف والشرح، ووسَّع نظره في فن الحديث، ثم اهتم بطبعه في المطابع الهندية، والعناية بتصحيحه وإخراجه بإخلاص كامل، ومجاهدة شديدة، فنال بذلك رضا شيخه وحاز ثقته، حتى انتهى ذلك إلى ما انتهى إليه من خلافة ونيابة، وإقبال القلوب والنفوس إليه، وما وُفق له من بعد من جلائل الأعمال وفضائل الأخلاق (٢).

وقد ذكر ذلك المحدِّث خليل أحمد السهارنفوري في مقدمة "بذل المجهود" (٣) فقال: "وأعانني عليه بعض أحبائي، منهم عزيزي وقرة عيني وقلبي، الحاج الحافظ المولوي محمد زكريا بن مولانا الحافظ المولوي محمد يحيى الكاندهلوي - رحمه الله -، فإني كنت لا أقدر على الكتابة ولا على


(١) "العناقيد الغالية من الأسانيد العالية" (ص ١١٩).
(٢) مقدمة "أوجز المسالك" (ص ١٧).
(٣) (ص ٤٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>