للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من حقوق الله لا يحكم فيه بعلمه، وأما حقوق الآدميين فما علمه قبل ولايته لم يحكم به، وما علم في ولايته حكم به، انتهى.

وهذا التفصيل في مسلك الحنفية إنما هو على قول الإمام، وأما عند صاحبيه فيجوز مطلقًا في حقوق العباد سواء علمه قبل القضاء أو بعده، كما في "الدر المختار" (١) وغيره، وأما قوله: "إذا لم يخف الظنون والتهمة" فقيد به قول من أجاز للقاضي أن يقضي بعلمه؛ لأن الذين منعوا ذلك مطلقًا اعتلوا بأنه غير معصوم، فيجوز أن تلحقه التهمة إذا قضى بعلمه أن يكون حكم لصديقه على عدوه، فجعل المصنف محل الجواز ما إذا لم يخف الحاكم الظنون والتهمة، انتهى من "الفتح" (٢).

[(١٥ - باب الشهادة على الخط المختوم. . .) إلخ]

مراده: هل تصح الشهادة على الخط بأنه خطّ فلان؟ وقيد بالمختوم؛ لأنه أقرب إلى عدم التزوير على الخط.

قوله: (وما يجوز من ذلك. . .) إلخ، يريد أن القول بذلك لا يكون على التعميم إثباتًا ونفيًا، بل لا يمنع ذلك مطلقًا فتضيع الحقوق، ولا يعمل بذلك مطلقًا فلا يؤمن فيه التزوير فيكون جائزًا بشروط.

قوله: (وكتاب الحاكم إلى عامله. . .) إلخ، يشير إلى الردّ على من أجاز الشهادة على الخط، ولم يجزها في كتاب القاضي وكتاب الحاكم، كذا في "الفتح" (٣)، وفيه أيضًا: وجملة ما تضمنته هذه الترجمة بآثارها ثلاثة أحكام: الشهادة على الخط، وكتاب القاضي إلى القاضي، والشهادة على الإقرار بما في الكتاب، وظاهر صنيع الإمام البخاري جواز جميع ذلك.

فأما الحكم الأول فقال ابن بطال (٤): اتفق العلماء على أن الشهادة لا تجوز للشاهد إذا رأى خطه إلا إذا تذكر تلك الشهادة، فإن كان


(١) "رد المحتار" (٨/ ١٥٧).
(٢) "فتح الباري" (١٣/ ١٣٩).
(٣) "فتح الباري" (١٣/ ١٤١).
(٤) "شرح ابن بطال" (٨/ ٢٣٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>