للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ووجه التحذير أن الذي يحدث البدعة قد يتهاون بها لخفة أمرها في أول الأمر، ولا يشعر بما يترتب عليها من المفسدة، وهو أن يلحقه إثم من عمل بها من بعده، ولو لم يكن هو عمل بها بل لكونه كان الأصل في إحداثها، انتهى من "الفتح" (١).

وفيه أيضًا ورد فيما ترجم به حديثان بلفظ: وليسا على شرطه، واكتفى بما يؤدي معناهما، وهما ما ذكرهما من الآية والحديث، فأما حديث: "من دعا إلى ضلالة" فأخرجه مسلم وأبو داود والترمذي، وأما حديث: "من سَنَّ سُنَّة سيئة" فأخرجه مسلم، وأخرجه الترمذي أيضًا من وجه آخر بلفظ: "من سن سُنَّة خير، ومن سن سُنَّة شر" انتهى مختصرًا من "الفتح".

(١٦ - باب ما ذكر النبي - صلى الله عليه وسلم - وحضّ على اتفاق أهل العلم. . .) إلخ

قال الحافظ (٢): قال ابن بطال عن المهلب: غرض البخاري بهذا الباب وأحاديثه تفضيل المدينة بما خصها الله به من معالم الدين، وأنها دار الوحي ومهبط الملائكة بالهدى والرحمة، وشرّف الله بقعتها بسكنى رسوله، وجعل فيها قبره ومنبره وبينهما روضة من رياض الجنة.

قال الحافظ: وفضل المدينة ثابت لا يحتاج إلى إقامة دليل خاص، وقد تقدم من الأحاديث في فضلها في آخر الحج ما فيه شفاء، وإنما المراد هنا تقدم أهلها في العلم على غيرهم إلى آخر ما قال.

وما اختاره الحافظ في الغرض من الترجمة به جزم القسطلاني (٣) إذ قال: ومراده من سياق أحاديث هذا الباب تقديم أهل المدينة في العلم على غيرهم في العصر النبوي، ثم بعده قبل تفرق الصحابة في الأمصار، ولا سبيل إلى التعميم كما لا يخفى، انتهى.


(١) "فتح الباري" (١٣/ ٣٠٢).
(٢) "فتح الباري" (١٣/ ٣١٢).
(٣) "إرشاد الساري" (١٥/ ٣٤٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>