للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(٢ - {قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ أَيًّا مَا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى} [الإسراء: ١١٠])

قال ابن بطال (١): غرضه في هذا الباب إثبات الرحمة، وهي من صفات الذات، قال: والمراد برحمته إرادته نفع من سبق في علمه أنه ينفعه، وأما الرحمة التي جعلها في قلوب عباده فهي من صفات الفعل، وصفها بأنه خلقها في قلوب عباده، وهي رقة على المرحوم، وهو - سبحانه وتعالى - منزّه عن الوصف بذلك، فتتأول بما يليق به، انتهى من "الفتح" (٢).

وفي "تقرير مولانا محمد حسن المكي" (٣): هذا شروع في إثبات الصفات له تعالى، وكان قبل هذا إثبات توحيد الذات، انتهى.

ثم إنه قد يشكل ههنا من أن مسألة الصفات من باب الاعتقاد، وقد أثبتها المصنف بأحاديث الباب، وهي من قبيل أخبار الآحاد التي لا تنتهض حجة في الاعتقاديات، وقد تعرض لهذا الإشكال والجواب عنه الحافظ قُدِّس سرُّه فأجاد حيث قال (٤): والذي يظهر من تصرف البخاري في "كتاب التوحيد" أنه يسوق الأحاديث التي وردت في الصفات المقدسة، فيدخل كل حديث منها في باب، ويؤيده بآية من القرآن للإشارة إلى خروجها عن أخبار الآحاد، وأن من أنكرها خالف الكتاب والسُّنَّة جميعًا، وقد أخرج ابن أبي حاتم في "كتاب الردّ على الجهمية" بسند صحيح عن سلام بن أبي مطيع، وهو شيخ شيوخ البخاري أنه ذكر المبتدعة فقال: ويلهم ماذا ينكرون من هذه الأحاديث، والله ما في الحديث شيء إلا وفي القرآن مثله، يقول الله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ} [الحج: ٧٥] {وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ} [آل عمران: ٢٨] {وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ} [الزمر: ٦٧] {مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ} [ص: ٧٥] {وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا} [النساء: ١٦٤] {الرَّحْمَنُ عَلَى


(١) "شرح ابن بطال" (١٠/ ٤٠٣).
(٢) "فتح الباري" (١٣/ ٣٥٨).
(٣) "لامع الدراري" (١٠/ ٣١٤).
(٤) "فتح الباري" (١٣/ ٣٥٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>