للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[(١٠ - باب العلم قبل القول والعمل)]

كتب الشيخ في "اللامع" (١): دلالة الآيات على تقدم العلم على التكلم به وعظًا والعمل بمقتضاه ظاهرة، فإنه لما كان أفضل والمناط كان هو الأولى بالتقديم من غيره، وكذلك في الروايات الموردة والآثار كما يظهر بتأمل فيها، انتهى.

وفي هامشه: اختلفوا في غرض المؤلف عن هذه الترجمة، قال الكرماني (٢): يريد أن الشيء يعلم أولًا ثم يقال ويعمل به، فالعلم مقدم عليهما بالذات، وكذا مقدم عليهما بالشرف؛ لأنه عمل القلب وهو أشرف أعضاء البدن، انتهى.

وقال السندي (٣): الظاهر أن مراده بيان تقدم العلم على القول والعمل شرفًا ورتبةً لا زمانًا، انتهى.

والأوجه عندي: أن المصنف أراد التقدم الزماني، وإليه يشير كلام الشيخ من قوله: تقدم العلم على التكلم به وعظًا، وهو المراد بالقول: وعلى العمل بمقتضاه. ودلالة ما أورد المصنف في هذا الباب على هذا المعنى ظاهرة لا خفاء فيه، فغرض المصنف عندي دفع ما يتوهم من الوعيدات على العلم بلا عمل أن المقصر في العمل لا ينبغي له تحصيل العلم، فأثبت المصنف في هذا الباب أن العلم من حيث هو هو مقدم على العمل ذاتًا، وأما ترك العمل به بعد ذلك فأمر آخر موجب للخسارة والوعيدات المرتبة عليه، وهو الظاهر من كلام أكثر الشرَّاح.

قال الحافظ (٤): قال ابن المنيِّر: أراد به أن العلم شرط في صحة القول والعمل، فلا يعتبران إلا به، فهو متقدم عليهما، فنبَّه المصنف على


(١) "لامع الدراري" (٢/ ٢٠).
(٢) "شرح الكرماني" (٢/ ٢٩).
(٣) "حاشية السندي على البخاري" (١/ ٢٣).
(٤) "فتح الباري" (١/ ١٦٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>