للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(٤٧ - باب قوله تعالى: {وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إلا قَلِيلًا})

قال العيني (١): أراد بهذا الباب التنبيه على أن من العلم أشياء لم يطلع الله عليها نبيًّا ولا غيره، وروي "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما قال لهم ذلك قالوا: نحن مختصون بهذا الخطاب أم أنت معنا فيه؟ فقال: بل نحن وأنتم لم نؤت من العلم إلا قليلًا" الحديث، وعلى هذا فمقصود الترجمة نفي علم الغيب الكلي عن غيره تعالى، وهو واضح.

وفي "تراجم شيخ الهند": الغرض التنبيه على أن الرجل وإن كان من أكابر العلماء ينبغي له أن يعدّ علمه قليلًا ناقصًا؛ لأن جميع علوم الناس كلهم لما كانت قليلةً فما ظنك بعلم كل واحد من الناس، وثمرة ذلك غاية التواضع والتحرز عن الإجابة بنفسه، انتهى ما في هامش "اللامع" (٢).

ومما يجب التنبيه عليه الفرق بين هذه الترجمة وبين ما تقدم من "باب ما يستحب للعالم إذا سئل. . ." إلخ، إذ أفاد شيخ الهند في "تراجمه" في غرض الترجمتين معًا التواضع للعلماء، وما يظهر من روايات الترجمتين أن غرض الترجمة الأولى هو التواضع للعلماء، وأنه لا ينبغي لعالم أن يظن بنفسه أنه أعلم الناس ولو كان واقعًا في نفسه كذلك؛ كالرسل في مقابلة أمتهم وهو التواضع بداهة، وأما غرض هذه الترجمة هو قلة علم المخلوقات حتى الأنبياء والرسل أيضًا بمقابلة علم الله تعالى، وهو قطعي، فالفرق بين الترجمتين واضح.

قوله: ({قُلِ الرُّوحُ. . .} إلخ)، بسط الحافظ (٣) في "باب قوله تعالى: {إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ} الآية [النحل: ٤٠] " في المراد بالروح المسؤول عنه، ورجح أنه لم يقع في القرآن تسميتها روحًا، بل سماها نفسًا، وذكر الآيات في ذلك، وقال صاحب "الفيض" (٤): وادعى الحافظ ابن القيم أن المراد في


(١) "عمدة القاري" (٢/ ٢٨٠).
(٢) انظر: "لامع الدراري" (٢/ ٨٠).
(٣) انظر: "فتح الباري" (١٣/ ٤٤٣)، وانظر: (٨/ ٤٠٢).
(٤) "فيض الباري" (١/ ٢٢٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>