للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كل واحد منها: الأول من الثلاثيات، والثاني من الثلاثيات بقلم جلي، ويفردون الكلام عليها، وهي اثنان وعشرون حديثًا، العشرون منها من تلامذة الإمام الهمام أبي حنيفة النعمان أو تلامذة تلامذته، وقد أفردت الكلام على ذلك في مقدمة "اللامع" في خصائص البخاري، ولذا قيل: أن فقه الإمام أبي حنيفة أكثره ثنائي، فافهم.

[(٣٩ - باب كتابة العلم)]

وإيراد هذا الباب السابق في غاية الحسن، فإنه لما حذَّر في الباب السابق عن الكذب على النبي - صلى الله عليه وسلم -، فلعل بعض الهمم متقاصر عن نقل الأحاديث وإشاعتها مخافة الوقوع في الكذب، فيفوت به المقصود الأعظم وهو التبليغ والتعليم، وقد نبّه المصنف في الكذب في كثير من أبوابه على الاهتمام بالتعليم والتبليغ والاعتناء بهما، فأورد المصنف هذه الترجمة بعده ليبين بها طريقة يسلم بها الرجل عن الوقوع في الكذب مع تحصيل المقصود بأن يكتب ما يسمع من الأحاديث والعلم ثم ينقله، والله أعلم.

كتب الشيخ قُدِّس سرُّه في "اللامع" (١): دفع بذلك ما يتوهم من روايات النهي عن الكتابة منعها بأنه كان في أول الأمر ثم رخَّص فيها، انتهى.

وفي هامشه: قال الحافظ (٢): طريقة البخاري في الأحكام التي يقع فيها الاختلاف أن لا يجزم فيها بشيء بل يوردها على الاحتمال، وهذه الترجمة من ذلك؛ لأن السلف اختلفوا في ذلك تركًا وعملًا، وإن كان الأمر قد استقر والإجماع انعقد على جواز كتابة العلم، بل على استحبابه، بل لا يبعد وجوبه على من خشي النسيان ممن يتعين عليه تبليغ العلم، انتهى.


(١) "لامع الدراري" (٢/ ٥٨).
(٢) "فتح الباري" (١/ ٢٠٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>