للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[٦٩ - التاسع والستون: ذكر الأضداد]

من عادة البخاري المطَّردة في كتابه ذكر الأضداد في الكتب كما ذكر في "كتاب الإيمان" أبواب الكفر والنفاق، قال الحافظ في "باب كفران العشير"، بعد نقل بديعة عن ابن العربي في تخصيصه من بين الذنوب: يؤخذ من كلامه مناسبة هذه الترجمة لأمور الإيمان، وذلك من جهة كون الكفر ضد الإيمان (١)، انتهى.

وذكر في "كتاب الاستسقاء": "باب دعاء النبي - صلى الله عليه وسلم -: اجعلها سنين كسني يوسف"، قال العيني (٢): فإن قلت: ما وجه إدخال هذا الباب في أبواب الاستسقاء؟ قلت: للتنبيه على أنه كما شُرع الدعاء في الاستسقاء للمؤمنين، كذلك شُرع الدعاء بالقحط على الكاذبين؛ لأن فيه إضعافهم وهو أنفع للمسلمين، انتهى.

وكذا قال الحافظ (٣) وزاد: لما فيه من نفع الفريقين بإضعاف عَدَوِّ المؤمنين ورقّة قلوبهم ليذلّوا للمؤمنين، وقد ظهر من ثمرة ذلك التجاؤهم إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يدعو لهم برفع القحط، كما في الحديث الثاني، ويمكن أن يقال: إن المراد أن مشروعية الدعاء على الكافرين في الصلاة تقتضي مشروعية الدعاء للمؤمنين فيها، فثبتت بذلك صلاة الاستسقاء خلافًا لمن أنكرها، انتهى.

قلت: ولا يحتاج إلى هذه التوجيهات عندي لما علم من دأبه ذكر الأضداد، فإنَّ بضدها تتبيَّنُ الأشياء، وقد أخرج البخاري (٤): في أول "الجنائز" عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من مات يشرك بالله دخل النار"، وقلت أنا: من مات لا يشرك بالله شيئًا دخل الجنة، فهذا استدلال منه - رضي الله عنه - بالضد، واستنباط بالحديث حكم خلافه.

[٧٠ - السبعون: التراجم المستقلة على أجزاء الحديث الواحد]

من دأبه المطَّرد في "صحيحه" أنه إذا كان في حديث واحد أوامر


(١) "فتح الباري" (١/ ٨٣).
(٢) "عمدة القاري" (٥/ ٢٤٦).
(٣) "فتح الباري" (٢/ ٤٩٣).
(٤) "صحيح البخاري" (١٢٣٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>