للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم لا يخفى عليك ما ذكره صاحب "الفيض" (١) من أن الإمام البخاري شدّد الكلام في هذا الكتاب على الإمام أبي حنيفة، وكذا في "كتاب الحيل"، ووجه ذلك أن البخاري لم يتعلم فقه الحنفية حق التعلم، وإن نُقل عنه أنه رأى فقه الحنفية، لكن ما يترشح من كتابه هو أنه لم يحقق فقهنا، ولم يبلغه إلا شذرات منه، وهذا الذي دعاه إلى ما أتى عليه في هذا الباب، ولو درى ما الإكراه في فقهنا لما أورد علينا شيئًا، إلى آخر ما ذكر.

ثم المذكور في الترجمة مسألتان: بيع المكره، والثانية: هبة المكره، وتقدم تفصيل الخلاف في المسألة الأولى في بابه، وأما هبة المكره فهي لا يجوز عند الشافعية، ففي "الأنوار" من فروع الشافعية: وللهبة أركان: الأول العاقدان، وشروطهما كشروط البائع والمشتري، إلى آخر ما ذكره، ومن شروط صحة البيع عندهم الرضا وعدم الإكراه كما تقدم، وأما عندنا الحنفية ففي "الدر المختار" (٢): والأصل عندنا أن كل ما يصحّ مع الهزل يصحّ مع الإكراه؛ لأن ما يصح مع الهزل لا يحتمل الفسخ، وكل ما لا يحتمل الفسخ لا يؤثر فيه الإكراه، انتهى.

[(٥ - باب من الإكراه. . .) إلخ]

قال الحافظ (٣) - رحمه الله -: أي: من جملة ما ورد في كراهية الإكراه ما تضمنته الآية، وهو المذكور فيه عن ابن عباس في نزول قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا} الآية [النساء: ١٩]، وقد تقدم شرحه في تفسير سورة النساء، انتهى.

وقال العلامة القسطلاني (٤): قال المهلب فيما نقله العيني - رحمه الله -: فائدة


(١) "فيض الباري" (٦/ ٤٠٩).
(٢) "رد المحتار" (٩/ ١٩١، ١٩٢).
(٣) "فتح الباري" (١٢/ ٣٢٠).
(٤) "إرشاد الساري" (١٤/ ٤٣٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>