للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والمسألة إجماعية كما تقدمت آنفا، وقال السندي (١) في هامشه: قيل في وجه مطابقة حديث أبي موسى للترجمة أنه - صلى الله عليه وسلم - حلف بالله مرتين، فعلم أن الحلف بغير الله لا يحسن، قلت: والأحسن من ذلك أن يقال: إن قوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا أحلف على يمين" لا يدل على أن يمينه كانت منعقدة، واليمين بغيره تعالى لا تنعقد، فكان يمينه مطلقًا بالله لا بغيره تعالى، انتهى.

[(٥ - باب لا يحلف باللات والعزى ولا بالطواغيت)]

إنما أفرده بالذكر لشدة كراهة الحلف بذلك.

قال الحافظ (٢): أما الحلف باللات والعزى فذكر في حديث الباب، وأما الطواغيت فوقع في حديث أخرجه مسلم والنسائي وابن ماجه عن عبد الرحمن بن سمرة مرفوعًا: "لا تحلفوا بالطواغيت ولا بآبائكم"، وفي رواية مسلم وابن ماجه: "بالطواغي" وهو جمع طاغية، والمراد الصنم، وأما الطواغيت فهو جمع طاغوت، وقد تقدم بيانه في تفسير سورة النساء.

قال جمهور العلماء: من حلف باللات والعزى أو غيرهما من الأصنام أو قال: إن فعلت كذا فأنا يهودي أو نصراني أو بريء من الإسلام لم تنعقد يمينه، وعليه أن يستغفر الله ولا كفارة عليه، وعن الحنفية: تجب الكفارة، انتهى.

قلت: وهكذا ذكر الشراح من الحافظ والنووي وهكذا العلامة الباجي مذهب الحنفية في هذه المسألة، والعجب من العلامة العيني إذ حكى قول النووي ولم يتعقبه، ولا يصح النقل عن الحنفية، وذلك لأنه لا يجب الكفارة عندنا في الحلف باللات ونحوها، صرّح به ابن الهمام وغيره من أصحاب الفروع، انتهى من "الأوجز" (٣).


(١) "صحيح البخاري بحاشية السندي" (٤/ ١٥١).
(٢) "فتح الباري" (١١/ ٥٣٦).
(٣) "أوجز المسالك" (٩/ ٦٨١).

<<  <  ج: ص:  >  >>