للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واسمه عبد على الصحيح، ولا يمكن أن يكون مراده الأول؛ لأنه قتل بأُحد وكانت زينب إذ ذاك صغيرة جدًا، ولا جائز أن يكون المراد الثاني؛ لأنه مات بالحبشة نصرانيًّا، ولا الثالث؛ لأنه توفي بعدها كما جزم به ابن عبد البر ونحوه، وأقرب الاحتمالات أن يكون عبيد الله الذي مات نصرانيا على بعد فيه. فإن قلت: مثلها لا يحزن على من مات كافرًا، قلت: ذاك الحزن بالجبلة والطبع فتعذر فيه ولا تلام به، وقيل: يحتمل أن يكون أخًا لزينب من أمها أو من الرضاع، انتهى.

[(٣١ - باب زيارة القبور)]

قال الحافظ (١): أي: مشروعيتها، وكأنه لم يصرح بالحكم؛ لما فيه من الخلاف كما سيأتي، وكأن المصنف لم يثبت على شرطه الأحاديث المصرحة بالجواز، وقد أخرجه مسلم من حديث بريدة وفيه نسخ النهي عن ذلك، ولفظه: "كنت نهيتكم عن زيارة القبور، فزوروها" وزاد أبو داود والنسائي من حديث أنس: "فإنها تذكر الآخرة"، قال النووي (٢): اتفقوا على أن زيارة القبور جائزة كذا أطلقوا، وفيه نظر؛ لأن ابن أبي شيبة وغيره روى عن ابن سيرين وإبراهيم النخعي والشعبي الكراهة مطلقًا حتى قال الشعبي: "لولا نهي النبي - صلى الله عليه وسلم - لزرت قبر ابنتي"، فلعل من أطلق أراد بالاتفاق ما استقر عليه الأمر بعد هؤلاء، وكأن هؤلاء لم يبلغهم الناسخ. ومقابل هذا قول ابن حزم: إن زيارة القبور واجبة ولو مرة واحدة في العمر لورود الأمر به، واختلف في النساء فقيل: دخلن في عموم الإذن، وهو قول الأكثر، ومحله ما إذا أمنت الفتنة، ويؤيد الجواز حديث الباب؛ لأنه - صلى الله عليه وسلم - لم ينكر على المرأة قعودها عند القبر. وقيل: الإذن خاص بالرجال ولا يجوز للنساء، وبه جزم الشيخ أبو إسحاق في "المهذب"، انتهى.


(١) "فتح الباري" (٣/ ١٤٨).
(٢) انظر: "شرح صحيح مسلم" للنووي (٤/ ٥١).

<<  <  ج: ص:  >  >>