للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالموعظة. . ." إلخ، وترجم للثانية بقوله: "من جعل لأهل العلم أيامًا معلومة. . ." إلخ، والغرض منهما واحد، ذكر في كليهما رواية ابن مسعود: "كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يتخولنا بالموعظة"، والظاهر بعد ملاحظتهما أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يذكِّر الصحابة ويعلِّمهم مع مراعاة نشاطهم ومللهم وحوائجهم، وكذا كان عبد الله بن مسعود أيضًا بعده - صلى الله عليه وسلم - يذكِّر أصحابه كل يوم خميس، وكان يحترز عن الموعظة كل يوم مع إصرارهم، لكيلا يمل السامعون فيتكاسلوا.

وبالجملة: يستنبط من كل هذا، أهمية التعليم والتذكير وانتظامه والمداومة عليه، فإن أحب الدين ما داوم عليه صاحبه.

[(١٢ - باب من جعل لأهل العلم. . .) إلخ]

قال الحافظ (١): أخذه من فعل ابن مسعود، أو من استنباط ابن مسعود ذلك من الحديث الذي أورده، انتهى.

قلت: والأوجه الثاني، فإن في الأول يكون استدلال الإمام البخاري بالموقوف لا بالمرفوع.

وكتب الشيخ في "اللامع": لما كان من المسلَّم أن التعيين الزماني والمكاني فيما لم يثبت شرعًا مما يعد بدعةً وكراهةً، دَفَعَه بأن التعيين فيه جائز، إذ لولا ذلك لأَدَّى إلى الحرج لهم، مع أن العلم واجب التحصيل لا يمكن تركه، فلا مصير إلا إلى تعيين يوم له، فيتحيَّنه الناس ويحضرونه، فلا يؤدي ذلك إلى حرج لهم في أمر معايشهم، ويحصل المقصود، والله - سبحانه وتعالى - أعلم، انتهى.

وفي هامشه: ما أفاده الشيخ واضح، فإن البدعة هو التعيين الذي يعد فيه ثواب وأجر خاص بهذا المعين، وأما التعيين لساعات الدروس مثلًا فلا يعده أحد أجرًا وثوابًا، انتهى.


(١) "فتح الباري" (١/ ١٦٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>