للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[٨ - كتاب الصلاة]

قال الحافظ (١): قد تأملت كتاب الصلاة فوجدته مشتملًا على أنواع تزيد على العشرين، فرأيت أن أذكر مناسبتها في ترتيبها قبل الشروع في شرحها، فأقول: بدأ أولًا بالشروط السابقة على الدخول في الصلاة، وهي الطهارة وستر العورة واستقبال القبلة ودخول الوقت، ولما كانت الطهارة تشتمل على أنواع أفردها بكتاب واستفتح كتاب الصلاة بذكر فرضيتها لتعيّن وقته دون غيره من أركان الإسلام، وكان ستر العورة لا يختص بالصلاة، فبدأ به لعمومه، ثم ثنَّى بالاستقبال للزومه في الفريضة والنافلة إلا ما استثنى كشدة الخوف ونافلة السفر، وكان الاستقبال يستدعى مكانًا، فذكر المساجد ومن توابع الاستقبال سترة المصلي فذكرها، ثم ذكر الشرط الباقي وهو دخول الوقت وهو خاص بالفريضة، وكان الوقت يشرع الإعلام به فذكر الأذان، وفيه إشارة إلى أنه حق الوقت، وكان الأذان إعلامًا بالاجتماع إلى الصلاة فذكر الجماعة، وكان أقلها إمام ومأموم فذكر الإمامة، ولمَّا انقضت الشروط وتوابعها ذكر صفة الصلاة، ولما كانت الفرائض في الجماعة قد تختص بهيئة مخصوصة فذكر الجمعة والخوف، وقدَّم الجمعة لأكثريتها، ثم تلا ذلك بما يشرع فيه الجماعة من النوافل، فذكر العيدين والوتر والاستسقاء والكسوف، وأخَّره لاختصاصه بهيئة مخصوصة، وهي زيادة الركوع، ثم تلاه بما فيه زيادة سجود، فذكر سجود التلاوة؛ لأنه قد يقع في الصلاة، وكان إذا وقع اشتملت الصلاة على زيادة مخصوصة فتلاها بما يقع فيه نقص من عددها وهو قصر الصلاة، ولما انقضى ما يشرع فيه الجماعة ذكر ما لا يستحب فيه وهو سائر التطوعات.


(١) "فتح الباري" (١/ ٤٥٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>