للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الناس ذو الوجهين": وتعرض ابن بطال (١) هنا لذكر ما يعارض ظاهره من قوله - صلى الله عليه وسلم - للذي استأذن عليه: "بئس أخو العشيرة" الحديث، وتكلم على الجمع بينهما، وحاصله أنه حيث ذمّه كان لقصد التعريف بحاله، وحيث تلقاه بالبشر كان لتأليفه أو لاتقاء شره، انتهى (٢).

[(٢٨ - باب القضاء على الغائب)]

قال الحافظ (٣): أي: في حقوق الآدميين دون حقوق الله بالاتفاق، حتى لو قامت البينة على غائب بسرقة مثلًا، حكم بالمال دون القطع، قال ابن بطال (٤): أجاز مالك والليث والشافعي وجماعة الحكم على الغائب، وقال ابن أبي ليلى وأبو حنيفة: لا يقضى على الغائب مطلقًا، وقال ابن قدامة: أجازه الأوزاعي وإسحاق وهو أحد الروايتين عن أحمد، والثانية المنع، ثم ذكر المصنف حديث عائشة في قصة هند.

قال القسطلاني (٥): وقد استدل جمع من العلماء من أصحاب الشافعي وغيرهم بهذا الحديث على القضاء على الغائب.

قال النووي: ولا يصحّ هذا الاستدلال لأن هذه القصة كانت بمكة وأبو سفيان حاضر، وشرط القضاء على الغائب أن يكون غائبًا عن البلد أو مستترًا لا يقدر عليه، ولم يكن هذا الشرط في أبي سفيان موجودًا، فلا يكون قضاء على الغائب، بل هو إفتاء، إلى آخر ما ذكر من توجيه استدلال المصنف في ذلك، فليرجع إليه لو شئت.

وفي مسألة القضاء على الغائب عند الحنفية تفصيل أشار إلى بعضه صاحب "الفيض" (٦) أيضًا، فليراجع إلى كتب الفقه.


(١) "شرح ابن بطال" (٨/ ٢٥٠).
(٢) "فتح الباري" (١٣/ ١٧٠، ١٧١).
(٣) "فتح الباري" (١٣/ ١٧١).
(٤) "شرح ابن بطال" (٨/ ٢٥١).
(٥) "إرشاد الساري" (١٥/ ١٦١).
(٦) "فيض الباري" (٦/ ٤٩١).

<<  <  ج: ص:  >  >>