للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أصحاب الحديث كونه عالمًا بالحلال والحرام وسائر الأحكام مع بلوغ درجة الاجتهاد في ذلك شرط جواز التقليد، كما قالوا في الإمام الأعظم، وعندنا هذا ليس بشرط الجواز في الإمام الأعظم؛ لأنه يمكنه أن يقضي بعلم غيره بالرجوع إلى فتوى غيره من العلماء، فكذا في القاضي، لكن مع هذا لا ينبغي أن يقلد الجاهل بالأحكام؛ لأن الجاهل بنفسه ما يفسد أكثر مما يصلح، وكذا العدالة عندنا ليست بشرط الجواز لكنها شرط الكمال، انتهى مختصرًا.

قوله: (وقرأ {إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ. . .} [المائدة: ٤٤]) إلخ، قال صاحب "الفيض" (١): ذكر ابن خلدون في مقدمته: أن اليهود كانوا تفرقوا فرقتين: منهم من كان يعمل بالقياس، ويسمى بالربانيين، ومنهم من كان ينكره، ويقال لهم: الأحبار، وأبعد ابن حزم حيث شدد الكلام في القائسين ومن دان دينهم، انتهى.

[(١٧ - باب رزق الحاكم والعاملين عليها. . .) إلخ]

هو من إضافة المصدر إلى المفعول، والرزق ما يرتبه الإمام من بيت المال لمن يقوم بمصالح المسلمين، وقال المطرزي: الرزق ما يخرجه الإمام كل شهر للمرتزقة من بيت المال، والعطاء ما يخرجه كل عام، ويحتمل أن يكون قوله: {وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا} عطفًا على الحاكم، أي: ورزق العاملين عليها، أي: على الحكومات، ويحتمل أن يكون أورد الجملة على الحكاية يريد الاستدلال على جواز أخذ الرزق بآية الصدقات، وهم من جملة المستحقين لها لعطفهم على الفقراء والمساكين بعد قوله: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ} [التوبة: ٦٠]، قال الطبري: ذهب الجمهور إلى جواز أخذ القاضي الأجرة على الحكم؛ لكونه يشغله الحكم عن القيام بمصالحه، غير أن طائفة من السلف كرهت ذلك، منهم مسروق، ولا أعلم أحدًا منهم حرمه، قال


(١) "فيض الباري" (٦/ ٤٨٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>