للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثاني؛ بقوله: إن الصدقة بالمذكورة وقعت بالليل، لقوله في الحديث: "فأصبحوا يتحدثون"، بل وقع في "صحيح [مسلم] " التصريح بذلك، لقوله فيه: "لأتصدقن الليلة"، فدل على أن صدقته كانت سرًّا، إلى آخر ما قال.

قلت: ولما أصبحوا يتحدثون صارت علانية باعتبار المآل، فثبتت التراجم الثلاث.

ولا يلتبس هذا الأصل بالأصل السابع والعشرين، فإنه ليس فيه تسلسل الأبواب وذكر الحديث بعدها.

[٥٣ - الثالث والخمسون: إثبات الترجمة بالنظير والقياس]

من عادة الإمام البخاري الشائعة في كتابه، كثيرَ الوقوع في تراجمه، أنه كثيرًا ما يثبت الترجمة بالنظير والقياس.

وهذا الأصل معروف عند المشايخ والشرَّاح، أخذ بذلك الأصل الإمام الكَنكَوهي قُدِّس سرُّه بمواضع من إفادته، منها: ما قال في "باب القراءة في الظهر" (١): دلالة الرواية على الترجمة على تقدير نسخة العشي ظاهرة، وعلى النسخة المكتوبة في المتن، وهو قوله: "صلاتي العشاء"، فالمدعى حاصله بالقياس، انتهى.

وقال العيني في "باب الدخول على الميت [بعد الموت] أدرج في أكفانه"، وقد ذكر فيه البخاري حديث دخول أبي بكر على النبي - صلى الله عليه وسلم -، وهو مُسَجًّى ببردةٍ.

فقال العيني (٢): مطابقته للترجمة ظاهرة؛ قيل: لا نُسَلِّم الظهور؛ لأن الترجمة في الدخول [على الميت] إذا أدرج في الكفن، ومتن الحديث: "وهو مُسَجًّى ببردةٍ"، لم يكن حينئذٍ غسل، فضلًا عن أن يكون مدرجًا في


(١) انظر: "لامع الدراري" (٣/ ٢٦٦).
(٢) "عمدة القاري" (٦/ ١٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>