للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[(٢٧ - باب ما جاء في تخليق السماوات والأرض. . .) إلخ]

هذا هو الباب الثالث من الأبواب الثلاثة المتعلقة بالخلق التي تقدم ذكرها، والغرض من هذا الباب هو مسألة التكوين.

قال الحافظ (١) قوله: "وهو فعل الرب وأمره. . ." إلخ، المراد بالأمر هنا قوله: {كُنْ} والأمر يطلق بإزاء معان منها صيغة أفعل، ومنها الصفة والشأن، والأول المراد هنا.

قوله: (وهو الخالق المكون غير مخلوق) المكون بتشديد الواو المكسورة لم يرد في الأسماء الحسنى، ولكن ورد معناه "وهو المصور"، انتهى.

قال القسطلاني (٢): واختلف في التكوين هل هو صفة فعل قديمة أو حادثة؟ فقال أبو حنيفة وغيره من السلف: قديمة، وقال الأشعري في آخرين: حادثة؛ لئلا يلزم أن يكون المخلوق قديمًا، وأجاب الأول بأنه يوجد في الأزل صفة الخلق ولا مخلوق، وأجاب الأشعري بأنه لا يكون خلق ولا مخلوق، كما لا يكون ضارب ولا مضروب فألزموه بحدوث صفات، فيلزم حلول الحوادث بالله تعالى، فأجاب بأن هذه الصفات لا تحدث في الذات شيئًا جديدًا، فتعقبوه بأنه يلزم أن لا يسمى في الأزل خالقًا ولا رازقًا، وكلام الله تعالى قديم، وقد ثبت فيه أنه الخالق الرازق، فانفصل بعض الأشعرية بأن إطلاق ذلك إنما هو بطريق المجاز، وليس المراد بعدم التسمية عدمها بطريق الحقيقة، ولم يرتض بعضهم هذا بل قال: هو قول منقول عن الأشعري نفسه أن الأسامي جارية مجرى الإعلام، والعلم ليس بحقيقة ولا مجاز في اللغة، وأما في الشرع فلفظ الخالق


(١) "فتح الباري" (١٣/ ٤٣٩).
(٢) "إرشاد الساري" (١٥/ ٤٩٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>