للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعلى هذا فثبتت الترجمة بالشك أيضًا؛ فإنه على كل حال ثبتت الزيادة على الواحد، ولا يبعد أيضًا أنه أراد أن تثليث الصفوف ليس بحتم، كما يظهر من بعض الآثار وإن كان مستحبًا، إلى آخر ما ذكر في هامش "اللامع".

[(٥٤ - باب الصفوف على الجنازة)]

قال الحافظ (١): قال ابن المنيِّر ما ملخصه: إنه أعاد الترجمة؛ لأن الأولى لم يجزم فيها بالزيادة على الصفين، وقال ابن بطال: أومأ المصنف إلى الرد على عطاء حيث ذهب إلى أنه لا يشرع فيها تسوية الصفوف، كما رواه عبد الرزاق عن عطاء لما سئل عن تسوية الصفوف على الجنائز قال: لا، إنما يكبرون ويستغفرون.

قال الحافظ: وأشار المصنف بصيغة الجمع إلى ما رواه أبو داود وغيره من حديث مالك بن هبيرة مرفوعًا: "من صلى عليه ثلاثة صفوف فقد أوجب"، وفي رواية: "إلا غفر له"، وتعقب بعضهم الترجمة بأن أحاديث الباب ليس فيها صلاة على الجنازة، وإنما فيه الصلاة على الغائب أو على من في القبر، وأجيب بأن الاصطفاف إذا شرع والجنازة غائبة ففي الحاضرة أولى.

وأجاب الكرماني بأن المراد بالجنازة في الترجمة الميت سواء كان مدفونًا أو غير مدفون، فلا منافاة بين الترجمة والحديث، انتهى.

وأنت خبير بأن شيئًا من هذه الوجوه لا يناسب شأن البخاري ودقة نظره، فإنه لو أراد بالترجمة تأييد تسوية الصفوف كان ينبغي له أن يشير إلى ذلك في الترجمة بنوع من الدلالة على أن لفظ الصفوف بصيغة الجمع لا يلزم الزيادة على الاثنين؛ فإن الاثنين فما فوقهما جماعة، وكذلك لا يشير إلى


(١) "فتح الباري" (٣/ ١٩١).

<<  <  ج: ص:  >  >>