للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[(٢٨ - باب استقبال الناس الإمام إذا خطب)]

كتب الشيخ في "اللامع" (١): هذا إذا لم يخلّ استقبالهم إيَّاه بتسوية الصفوف بأن اعتادوها، فلا يُفتقر إلى زيادة وقت فيها، أو لم يكن بعد الخطبة صلاة، وأمّا إذا لم يعتادوا بإقامة الصفوف إلّا بتكلف ومزيد اهتمام فليس لهم استقباله، إلّا إذا لم تكن بعدها صلاة كما في العيدين، انتهى.

قلت: لعل المصنف أشار إلى مذهب المالكية، إذ قالوا بوجوب الاستقبال إلى الإمام بحيث يغيِّرون جِلستهم التي كانت إلى القبلة كما بسطه الدردير (٢)، وحكى الموفق (٣) إجماع الأئمة الأربعة وغيرهما على استحباب ذلك، قلت: وفي "الكبيري" (٤) بعد ما حكى استحبابه عن الإمام: لكن الرسم الآن أنهم يستقبلون القبلة للحرج في تسوية الصف. . . إلى آخر ما قال.

[(٢٩ - باب من قال في الخطبة بعد الثناء: أما بعد. . .) إلخ]

لم أر من تعرَّض للترجمة واضحًا إلّا ما قاله الحافظ عن ابن المنيِّر: يحتمل أن تكون "من" موصولة، والمراد به النبي - صلى الله عليه وسلم - كما في أحاديث الباب، ويحتمل أن تكون شرطية والجواب محذوف، أي: فقد أصاب السُّنَّة، وعلى التقديرين ينبغي للخطباء أن يستعملوها تأسيًا واتباعًا.

قال الحافظ: وكأن البخاري لم يجد في خطبته - عليه السلام - يوم الجمعة حديثًا على شرطه، فاقتصر على ذكر الثناء. وبنحوه قال العيني (٥).

ويشكل عليه أن المصنف ترجم بذلك في خطبة الكسوف أيضًا وذكر خطبته كما في حديث الباب، ولم يبوِّب لذلك في العيد ولا الاستسقاء، ولا يبعد عندي في الغرض أن ظاهر لفظ: "أما بعد" ينبغي أن يكون منكرًا لما أنه يستلزم اختتام الحمد وانتهاءه، وقد ورد في الروايات من الأدعية


(١) "لامع الدراري" (٤/ ٦٣).
(٢) انظر: "الشرح الكبير" (١/ ٦٠٢).
(٣) "المغني" (٣/ ١٧٢).
(٤) "غنية المستملي" (ص ٥٦١).
(٥) "عمدة القاري" (٥/ ٨٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>