للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فعلى هذا يجوز أن يكون المذكور في الترجمة من لفظ فداك بفتح الفاء وكسرها، فلا وجه لقول القسطلاني: "بفتح الفاء" نظرًا إلى الضابطة المذكورة.

وسكت الشرَّاح عن غرض الترجمة، وتعرض له الشيخ قُدِّس سرُّه في "اللامع" (١) إذ قال: قوله "باب قول الرجل. . ." إلخ، بيَّنه لما في ظاهره مظنة الكراهة لترك حرمة الأب ولأنه لا يملكه حتى يفديه، انتهى.

وفي هامشه: قال النووي: فيه جواز التفدية بالأبوين، وبه قال جماهير العلماء، وكرهه عمر بن الخطاب والحسن البصري، وكرهه بعضهم في التفدية بالمسلم من أبويه، والصحيح الجواز مطلقًا؛ لأنه ليس فيه حقيقة فداء، وإنما هو كلام وإلطاف وإعلام لمحبته له ومنزلته، وقد وردت الأحاديث الصحيحة بالتفدية مطلقًا، انتهى.

نعم قد تعرض الحافظ وغيره من الشرَّاح لغرض الترجمة الآتية وذكروا فيها الخلاف كما سيأتي، وكأنهم جعلوا حكم ما ذكر في الترجمتين واحدًا، يعني: جعلوا تفدية الرجل بنفسه وبأبويه في حكم واحد.

[(١٠٤ - باب قول الرجل: جعلني الله فداك)]

أي: هل يباح أو يكره؟ وقد استوعب الأخبار الدالة على الجواز أبو بكر بن أبي عاصم في أول كتابه "آداب الحكماء"، وجزم بجواز ذلك فقال: للمرء أن يقول ذلك لسلطانه ولكبيره ولذوي العلم ولمن أحب من إخوانه، غير محظور عليه ذلك، بل يثاب عليه إذا قصد توقيره واستعطافه، ولو كان ذلك محظورًا لنهى النبي - صلى الله عليه وسلم - قائلَ ذلك ولأعلمه أن ذلك غير جائز أن يقال لأحد غيره.

وقد ترجم أبو داود نحو هذه الترجمة وساق حديث أبي ذر: "قلت


(١) "لامع الدراري" (١٠/ ٣٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>