للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الحافظ (١): وبقول عائشة المذكور يقول جمهور الصحابة والتابعين وفقهاء الأمصار وهو أن من خيَّر زوجته فاختارته لا يقع بذلك طلاق، لكن اختلفوا فيما إذا اختارت نفسها هل يقع طلقة واحدة رجعية أو بائنًا أو يقع ثلاثًا، وحكى الترمذي عن علي: إن اختارت نفسها فواحدة بائنة، وإن اختارت زوجها فواحدة رجعية، وعن زيد بن ثابت: إن اختارت نفسها فثلاث، وإن اختارت زوجها فواحدة بائنة، إلى آخر ما بسط من ذكر الاختلاف.

[(٦ - باب إذا قال: فارقتك أو سرحتك)]

قال القسطلاني (٢) في شرحه: باب في كنايات الطرق وهي ما يحتمل الطلاق وغيره، ولا يقع الطلاق بها إلا بالنية لأنها غير موضوعة للطلاق بل موضوعة لما هو أعم من حكمه، والأعم في المادة الاستعمالية يحتمل كلًّا من ما صدقاته، ولا يتعين أحدها إلا بمعين، والمعين في نفس الأمر هو النية، ومقتضى ما ذكره المصنف أن لا صريح عنده إلا لفظ الطلاق وما تصرف منه، وهو قول الشافعي في القديم، لكن نصّ في الجديد على أن الصريح لفظ الطلاق والفراق والسراح لورود ذلك في القرآن بمعنى الطلاق، قوله: "فهو على نيته" إن نوى الطلاق وقع وإلا فلا، انتهى مختصرًا.

قال الحافظ (٣): وحجة القديم أنه ورد في القرآن لفظ الفراق والسراح لغير الطلاق بخلاف الطلاق فإنه لم يرد إلا للطلاق، وقد رجح جماعة القديم كالطبري والمحاملي وغيرهما وهو قول الحنفية، واختاره القاضي عبد الوهاب من المالكية، انتهى.

وفي "الفيض" (٤): قوله: "باب إذا قال. . ." إلخ، شرع في الكنايات


(١) "فتح الباري" (٩/ ٣٦٨).
(٢) "إرشاد الساري" (١٢/ ٢٣).
(٣) "فتح الباري" (٩/ ٣٦٩).
(٤) "فيض الباري" (٥/ ٥٧٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>