للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(٣ - باب قوله: {فَلَمَّا بَلَغَا مَجْمَعَ بَيْنِهِمَا نَسِيَا حُوتَهُمَا} [الكهف: ٦١])

ووقع في رواية الأصيلي: " {فَلَمَّا بَلَغَا مَجْمَعَ بَيْنِهِمَا} " والأول هو الموافق للتلاوة.

قوله: ({سَرَبًا} مذهبًا. . .) إلخ، قال أبو عبيدة في قوله تعالى: {فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ سَرَبًا} [الكهف: ٦١] أي: مسلكًا ومذهبًا يسرب فيه، وفي آية أخرى: {وَسَارِبٌ بِالنَّهَارِ} [الرعد: ١٠] أي: سالك في سربه، أي: مذهبه، ومنه: أصبح فلان آمنًا في سربه، ومنه: انسرب فلان إذا مضى، انتهى من "الفتح" (١).

قوله: (قال: ذكر الناس يومًا) كتب الشيخ في "اللامع" (٢): قائل "قال" هو النبي - صلى الله عليه وسلم - أو الراوي، ثم المراد بقول موسى في جواب السائل: "هل في الأرض أحد أعلم؟ لا" هو نفي وجود الأعلم في ظنه لا بحسب نفس الأمر، فلا يكون ذلك مخالفًا لما ورد في سائر الروايات أنه سأله: هل تعلم أحدًا أعلم؟ فإن السؤال والجواب كليهما بحسب اعتقاد المجيب وعلمه سواء صرَّح بعلمه أو لا، فلا فرق بين قوله: هل تعلم أحدًا أعلم منك؟ وبين قوله: هل أحدًا أعلم علم منك؟ وكذلك بين جوابيهما، انتهى.

وفي هامشه: تقدم الكلام على ذلك مبسوطًا في كتاب العلم في "باب ما يستحب للعالم إذا سئل: أي الناس أعلم؟ " وفي كتاب الأنبياء في "باب حديث الخضر مع موسى - عليهما السلام -"، وميل الشيخ قُدِّس سرُّه في تلك المواضع الثلاثة، إلى نفي الوجود برأسه لا نفي وجود العلم كما يظهر من التأمل في كلامه، وما أفاده الشيخ من الاحتمالين في مرجع ضمير "قال" محتملان، والظاهر من سياق الروايات هو الأول، وفيه احتمال ثالث وهو أن يكون المرجع موسى - عليه السلام -، وقوله: "ذكر الناس" جملة حالية بحذف الواو ومقول


(١) "فتح الباري" (٨/ ٤١٢).
(٢) "لامع الدراري" (٩/ ١٢٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>