للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذاك في الحقيقة بل أراه كيفية التيمم فنفخ فيه؛ لأن هذا لم يكن تراب التيمم حتى يعد مع تراب الغبار في سبيل الله، فنبّه الإمام بلفظ: "هل" إلى التردد في أن ينفخ تراب التيمم أيضًا أم لا؟ ووجه التردد كون هذا التراب أثر العبادة بخلاف التراب الذي التحق بيده الشريفة في الإراءة، فتأمل فإنه لطيف، انتهى ملخصًا ما في هامش "اللامع".

لكن يشكل على هذا التوجيه أن الإمام البخاري ترجم بعده "باب التيمم للوجه والكفين" وأخرج فيه حديث عمار هذا، فعلى هذا هو محمول عنده على حقيقة التيمم، فتأمل.

وما أفاده الشيخ قُدِّس سرُّه من قوله: فإن استيعاب التراب لو كان. . . إلخ، يؤيده ما في "أبي داود" (١) من حديث عمار بن ياسر بلفظ: ولم يقبضوا من التراب شيئًا، وفي هامشي على "البذل" (٢) عن ابن رسلان: يؤخذ منه أنه يجوز التيمم وإن لم يعلق بهما التراب، وبه قال مالك وأبو حنيفة خلافًا للشافعي وأحمد إذ قالا: لا يجوز إلا أن يعلق بالكف من التراب شيء، انتهى.

وفيه أيضًا عن ابن رسلان على قوله: "ثم نفخهما": فيه دليل على ما تقدم أن التيمم يجوز بدون الغبار، إذ لو كان الغبار مطلوبًا ما نفخ فيه، وأجيب بأنه يحتمل تقليلًا للتراب، انتهى.

[(٥ - باب التيمم للوجه والكفين)]

في "تراجم (٣) شيخ المشايخ": مذهب المؤلف في هذه المسألة مثل ما يقوله أصحاب الظواهر وبعض المجتهدين من أن التيمم للوجه والكفين فقط، ولا يلزم المسح إلى المرفقين خلافًا للجمهور، وهم يقولون: إن


(١) "سنن أبي داود" (ح: ٣٢٠).
(٢) انظر: "بذل المجهود" (٢/ ٤٦٣، ٤٩٧).
(٣) "شرح تراجم أبواب البخاري" (ص ١٣٨، ١٣٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>