للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أخرجه مسلم وأصحاب السنن، فأراد الجمع بين الأخبار بما ترجم به، قال ابن بطال (١): عامة الفقهاء يجيزون استئجارهم عند الضرورة وغيرها لما في ذلك من المذلة لهم، وإنما الممتنع أن يؤاجر المسلم نفسه من المشرك لما فيه من إذلال المسلم، انتهى.

(٤ - باب إذا استأجر أجيرًا ليعمل له. . .) إلخ

كتب الشيخ قُدِّس سرُّه في "اللامع" (٢): يعني بذلك أن الاستئجار وإن كان متقدمًا على زمان العمل، إلا أن الأجرة لا تجب إلا إذا أتى بالمعقود عليه، فكان في تقديم الاستئجار على وقت العمل مظنة توهم المنع، لما فيه من حبس الأجير قبل ما تناوله العقد من الزمان كما في صورة المسألة المذكورة في الرواية، فإن الدليل الديلي قد حبس من أجلهما منذ ثلاث، فأورد المؤلف الرواية الدالة على جواز هذا التقديم، وما يتوهم من الحبس بغير عوض يقابله مدفوع، بأنه مجرد عدة منهما جميعًا، ولو سلم كونه حبسًا فالأجرة مقابلة بالعمل والحبس كليهما كيف ما كان الحبس، انتهى.

وفي هامشه: ما أفاده الشيخ قُدِّس سرُّه لطيف، فللَّه دره، وفي بادي الرأي أن الإمام البخاري أشار بالترجمة إلى مسألة خلافية شهيرة، كما ستأتي، وقال الإسماعيلي: ليس في الخبر أنهما استأجراه على أن لا يعمل إلا بعد ثلاث، بل الذي في الخبر أنهما استأجراه، وابتدأ في العمل من وقته لتسليمه راحلتيهما يرعاهما ويحفظهما إلى أن يتهيأ لهما الخروج.

قال الحافظ: ليس في ترجمة البخاري ما ألزمه به بل الذي ترجم به هو ظاهر القصة، ومن قال ببطلان الإجارة إذا لم يشرع في العمل من حين الإجارة هو المحتاج إلى دليل، انتهى.

وبسط الكلام في هامش "اللامع" فارجع إليه.


(١) (٦/ ٣٨٧).
(٢) "لامع الدراري" (٦/ ١٦٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>