للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأذن له فقال: السلام عليكم، فردّوا عليه ثم قال: السلام خاصّ وعامّ، السلام عليك يا أبا عبد الله ورحمة الله وبركاته فقال: وعليك السلام يا أبا محمد ورحمة الله وبركاته، ثم قال: لولا أنها بدعة لعانقتك، قال: قد عانق من هو خير منك، قال: جعفر؟ قال: نعم. ثم قال الحافظ: قال الذهبي في "الميزان": هذه الحكاية باطلة وإسنادها مظلم، انتهى.

وقال النووي في "شرح مسلم" (١): واختلف العلماء في معانقة الرجل للرجل القادم من سفر، فكرهها مالك وقال: هي بدعة، واستحبها سفيان وغيره وهو الصحيح الذي عليه الأكثرون والمحققون، وتناظر مالك وسفيان في المسألة فاحتج سفيان بأن النبي - صلى الله عليه وسلم - فعل ذلك بجعفر حين قدم، فقال مالك: هو خاص به، فقال سفيان: ما نخصه بغير دليل، فسكت مالك. قال القاضي عياض: وسكوت مالك دليل لتسليمه، قولَ سفيان وموافقته، وهو الصواب، انتهى.

وأما مذهب الحنفية فذكر ابن عابدين (٢): قال في "الهداية": ويكره أن يقبل الرجل فم الرجل أو يده أو شيئًا منه أو يعانقه.

وذكر الطحاوي أن هذا قول أبي حنيفة ومحمد، وقال أبو يوسف: لا بأس بالتقبيل والمعانقة لما روي "أنه - عليه السلام - عانق جعفرًا حين قدم من الحبشة وقبّله بين عينيه". ولهما ما روي "أنه - عليه السلام - نهى عن المكامعة" وهي المعانقة "وعن المكاعمة" وهي التقبيل، وما رواه محمول على ما قبل التحريم، قالوا: الخلاف في المعانقة في إزار واحد، أما إذا كان عليه قميص أو جبة لا بأس به بالإجماع وهو الصحيح، انتهى.

[(٣٠ - باب من أجاب بلبيك وسعديك)]

قال العلامة الكرماني (٣): قال ابن بطال: معنى "لبيك": أنا مقيم على


(١) "شرح النووي" (٨/ ٢٠٨، ٢٠٩).
(٢) "رد المحتار" (٩/ ٥٤٦).
(٣) "شرح الكرماني" (٢٢/ ١٠٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>