للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بين الترجمتين؛ إذ فرق بينهما بالعموم والخصوص، وقد اتفق فقهاء الأمصار على مشروعية صلاة الاستسقاء، وأنها ركعتان إلّا ما روي عن أبي حنيفة أنه قال: يبرزون للدعاء والتضرع، وإن خطب لهم فحسن، ولم يعرف الصلاة، هذا هو المشهور عنه، ونقل أبو بكر الرازي عنه التخيير بين الفعل والترك، وحكى ابن عبد البر الإجماع على استحباب الخروج إلى الاستسقاء، والبروز إلى ظاهر المصر، لكن حكى القرطبي عن أبي حنيفة أيضًا أنه لا يستحب الخروج، وكأنه اشتبه عليه بقوله في الصلاة، انتهى من "الفتح".

وقد وردت الروايات في الاستسقاء بدون الصلاة كما في "الأوجز" (١) فارجع إليه لو شئت. والخروج إلى المصلَّى مستحب عندنا أيضًا كما تقدم، ففي "الطحطاوي على المراقي" (٢) وغيره: ويستحب الخروج للاستسقاء ثلاثة أيام للاتباع، انتهى. وهكذا في "الدر المختار" (٣).

[(٢ - باب دعاء النبي - صلى الله عليه وسلم -: اجعلها سنين. . .) إلخ]

قال الحافظ (٤): وجه إدخاله في أبواب الاستسقاء التنبيه على أنه كما شرع الدعاء بالاستسقاء للمؤمنين كذلك شرع الدعاء بالقحط على الكافرين، ويمكن أن يقال: إن المراد أن مشروعية الدعاء على الكافرين في الصلاة تقتضي مشروعية الدعاء للمؤمنين فيها، فثبت بذلك صلاة الاستسقاء خلافًا لمن أنكرها، انتهى.

وبالأول شرح العيني، وكذا شيخ المشايخ في "تراجمه"، وأجاد السندي (٥) فقال: ذكره؛ لأنه دعاء بقحوط المطر على من يستحقه، ففيه إشارة إلى أنه لا بد من النظر في الاستسقاء إلى أهلية من يُدعى لهم، انتهى.


(١) "أوجز المسالك" (٤/ ١٣٢).
(٢) "الطحطاوي على المراقي" (ص ٣٠٠).
(٣) انظر: "رد المختار" (٣/ ٧٠).
(٤) "فتح الباري" (٢/ ٤٩٣)، و"عمدة القاري" (٥/ ٢٤٦).
(٥) "حاشية السندي" (١/ ١٧٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>