للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا يكون في الإثم والعدوان، انتهى من "الفتح" (١).

قلت: وهكذا قال العيني وتبعهما القسطلاني، لكن ما أفاده هؤلاء الشرَّاح هو يتعلق بالآية الأولى فقط، ولا ينطبق على الآية الثانية وهو قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ} الآية [المجادلة: ١٢] كما لا يخفى، وقد تعرض له الشيخ قُدِّس سرُّه في "اللامع" (٢) فأجاد حيث أفاد: ومناسبة الآيتين بالترجمة خفية إلا أن يقال: إنّ تناجي اثنين إذا كان سببًا لمساءة الثالث كان ذلك تناجيًا بالإثم والعدوان وهو منهي عنه، فكان إيراد الآية ههنا تعميمًا لها حتى يدخل فيه تلك الجزئية، وأن التناجي لا بد وأن يكون على حسب قواعده المقررة وآدابه المعلومة دل عليه الآية الثانية، فإن خصوص تقديم الصدقة وإن كان منسوخًا، غير أن ما تضمنته هذه الآية من كون النجوى على حسب الآداب غير منسوخ، سواء كانت النجوى بالرسول - صلى الله عليه وسلم - أو غيره، انتهى.

وذكر في هامش "الكوكب الدري" (٣) في شرح حديث الباب سبعة أبحاث: الأول: علة النهي. والثاني: ما قال بعضهم: إن هذا الحكم منسوخ. والثالث: ما قال الجمهور: لا فرق في ذلك بين السفر والحضر. والرابع: أن ذكر الاثنين في أحاديث الباب ليس بقيد احترازي. والخامس: أن النهي إذا كان بغير رضا الثالث. والسادس: لا يجوز لأحد أن يدخل على المتناجيين في حال تناجيهما. والسابع: هل النهي للتحريم أو للتنزيه؟ بسط الكلام على هذه المباحث في هامش "الكوكب"، فارجع إليه لو شئت.

[(٤٦ - باب حفظ السر)]

أي: ترك إفشائه لأنه أمانة وحفظها واجب، وعند ابن أبي شيبة من حديث جابر مرفوعًا: "إذا حدث الرجل بالحديث ثم التفت فهي أمانة"،


(١) "فتح الباري" (١١/ ٨١)، "عمدة القاري" (١٥/ ٣٩٦)، "إرشاد الساري" (١٣/ ٣٤٠).
(٢) "لامع الدراري" (١٠/ ٦١).
(٣) "الكوكب الدري" (٣/ ٤٢٠، ٤٢١).

<<  <  ج: ص:  >  >>