للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قلت: وقد تقدم شيء من الكلام على هذه المسألة في "اللامع" (١) وهامشه في "كتاب الشهادات" تحت قول البخاري: وكيف تعرف توبته؟ ثم قد ظهر من كلام الحافظ أنه جعل للترجمة جزئين، وكذا يستفاد من كلام العيني، وذلك لأنهما جعلا السلام وردّه في حكم واحد، لكن يظهر من كتب فقهنا الفرق بين حكم السلام وحكم الردّ، فعلى هذا صار للترجمة ثلاثة أجزاء، ففي حاشية ابن عابدين (٢) تفريعًا على كلام صاحب "البحر": ومفاده أن كل محل لا يشرع فيه السلام لا يجب ردّه، وذكر أمثلته، ثم قال: وينبغي وجوبُ الردّ على الفاسق لأن كراهة السلام عليه للزجر فلا تنافي الوجوب عليه، تأمل، انتهى.

(٢٢ - باب كيف الردّ على أهل الذمة السلام)

قال الحافظ (٣): في هذه الترجمة إشارة إلى أنه لا منع من ردّ السلام على أهل الذمة فلذلك ترجم بالكيفية، ودل الحديث على التفرقة في الردّ على المسلم والكافر، قال ابن بطال: قال قوم: ردُّ السلام على أهل الذمة فرض لعموم قوله تعالى: {وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ} الآية [النساء: ٨٦]، وثبت عن ابن عباس أنه قال: من سلّم عليك فردّ عليه ولو كان مجوسيًا. وبه قال الشعبي وقتادة، ومنع من ذلك مالك والجمهور، وقال عطاء: الآية مخصوصة بالمسلمين فلا يردّ السلام على الكافر مطلقًا، فإن أراد منع الردّ بالسلام وإلا فأحاديث الباب ترد عليه، انتهى.

وقال القسطلاني (٤): قال النووي: اتفقوا على الردّ على أهل الكتاب إذا سلموا لكن لا يقال لهم: وعليكم السلام، بل يقال لهم: عليكم فقط أو: وعليكم، انتهى.


(١) انظر: "لامع الدراري" (٧/ ٦٠ - ٧٠).
(٢) "رد المحتار" (٢/ ٣٧٦).
(٣) "فتح الباري" (١١/ ٤٢).
(٤) "إرشاد الساري" (١٣/ ٣٠٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>