للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الحافظ: وقد ذهب الجمهور إلى أن ذلك الجمع المذكور يختص بمن يكون مسافرًا بشرطه، وعن مالك وهو وجه للشافعية أنه للنسك، فيجوز الكل، انتهى.

وقلت: وكذا عند الحنفية، كما قال القاري في "شرح المناسك" خلافًا للشافعي في تخصيصه بالمسافر، انتهى ملخصًا من "البذل".

قلت: وكذا عند الحنابلة، قال الموفق (١): ويجوز الجمع لكل من بعرفة، من مكي وغيره، انتهى، وعند بعض الحنابلة: لا يجمع بينهما إلا مسافر، ورد عليه الموفق بقوله: لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - جمع، فجمع معه من حضره من المكيين وغيرهم، ولم يأمرهم بترك الجمع، كما أمرهم بترك القصر حين قال: "أتموا، فإنا سفر"، انتهى.

فالحاصل من فروعهم أن الجمع للنسك عند الأئمة الثلاثة خلافًا للشافعي فقط، والعجب من الحافظ حيث عزا مذهبه إلى الجمهور وهذا من دأبه المعروف.

ثم اختلفوا أيضًا، فقال أبو حنيفة: يختص الجمع بمن صلى مع الإمام حتى لو صلى الظهر وحده أو بجماعة بدون الإمام لا يجوز، وخالفه صاحباه فقالا: المنفرد أيضًا كالأئمة الثلاثة، كذا في "القسطلاني" (٢)، وقال ابن عابدين (٣): عند الإمام للجمع ست شرائط، وقالا: لا يشترط إلا الإحرام، وبه قالت الأئمة الثلاثة، انتهى.

[(٩٠ - باب قصر الخطبة بعرفة)]

قال الحافظ (٤): قيَّد المصنف قصر الخطبة بعرفة اتباعًا للفظ الحديث، وقد أخرج مسلم الأمر باقتصار الخطبة في أثناء حديث لعمار أخرجه في "الجمعة"، انتهى.


(١) "المغني" (٥/ ٢٦٤، ٢٦٥).
(٢) "إرشاد الساري" (٤/ ٢٠٨).
(٣) "رد المحتار" (٣/ ٥٢٠، ٥٢١).
(٤) "فتح الباري" (٣/ ٥١٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>