للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كثير النشاط لا يعرف الكسل، خفيف الروح، بشوش ودود، كثير الدُّعابة مع الذين يأنسهم أو يحب أن يؤنسهم (١).

فنرى في الإمام الخلق الحسن، والتسامح مع الناس، والتواضع النادر، وأن تكون تلك الخلال والصفات محكومة بالإيمان والاحتساب، منسجمة مع مبادئ الإسلام متوافقة مع روح الشريعة المطهرة، فذاك شيء من القلة بالمكان الذي يصعب مناله.

[زهده وتوكله على الله]

ورث الشيخ محمد زكريا الزهد والورع والتوكل والأخلاق الحميدة من والده - رحمه الله -. وقد عُرضت عليه عدة وظائف للتدريس براتب كبير يزيد على راتبه الرمزي في "مظاهر علوم" بأَضعاف مضاعفة، وكان امتحانًا شديدًا لإخلاصه وعلو همته، فقد كانت هذه الوظائف مما يتنافس فيها المتنافسون، ويتهالك عليها الطالبون، فاعتذر عنها في صرامة وعزم، وفي ثقة وإيمان، أذكرها بإيجاز:

١ - كانت لأسرة الشيخ محمد زكريا علاقة بجامعة "عليكراه" (٢) من يوم تأسيسها؛ لأن مؤسِّس هذه الجامعة السيد أحمد خان كان تلميذًا للشيخ نور الحسن الكاندهلوي (٣)، وقد التحق كثير من الشباب الأذكياء بهذه الجامعة لإكمال دراستهم في تلك الأيام، وكان منهم الشيخ بدْر الحسن الذي تخرج في هذه الجامعة وكان في سنّ الشيخ محمد زكريا ومن أقربائه وبلغ في وظيفته إلى درجة القاضي، وصار عضوًا في مجلس الأمناء لجامعة عليكراه، فلما علم أن راتب الشيخ خمس عشرة روبية، وهي لا تكفي


(١) مقدمة "الأوجز" (ص ٢٠).
(٢) هي جامعة مدنية حكومية تحت إشراف المسلمين.
(٣) وهو من أسرة الإمام محمد زكريا الكاندهلوي، انظر ترجمته في: "أحوال وآثار كاندهلة" (ص ٢٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>