للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أسرته ذات المكانة الكبيرة، ألحَّ على الشيخ محمد زكريا أن يستعد للتقدم للاختبارات في العلوم الجديدة، فإن اجتازها تمكن من الحصول على وظيفة راتبها ثلاثمائة روبية، وقد أيَّد هذه الفكرة كثير من أقربائه، لكن الشيخ رفض هذا الاقتراح وخاطبهم بقوله: "إنني لا أستطيع أن أغير منهج حياتي واشتغالي بتدريس العلوم الشرعية والرزق بيد الله هو الذي يعطي الرزق ويمنحه". فلما رأى الشيخ بدر الحسن توكل الشيخ وعزيمته القوية فرح بذلك وتركه على حاله.

٢ - وقد وقع في حياته ابتلاء آخر وهو أنه قد صار معروفًا في تدريسه وهو شاب، بسبب مشاركته في تأليف "بذل المجهود في حل سنن أبي داود"، ثم تدريسه "سنن أبي داود"، فقرر مجلس الأمناء لدائرة المعارف بحيدرآباد أن يطلب الشيخ محمد زكريا لتحقيق بعض كتب السُّنَّة ويكون راتبه ثلاثمائة روبية مع سيارة وسكن مؤثث، وكل سنة تكون له علاوة، ولما وصل هذا الطلب إلى الشيخ اعتذر وكتب إلى المجلس: "إني لا أستطيع أن أترك هذا المركز العلمي".

٣ - كذلك طلبت المدرسة العالية في "كلكته"، وهي تعد جامعة رسمية، أن يكون الشيخ فيها على وظيفة "شيخ الحديث"، وقرر المجلس راتب الشيخ بمقدار ألف ومائتي روبية، وأرسلوا رسالة ثم برقية للاستعجال، فرد الشيخ على برقيتهم: "إني لست أهلًا لذلك، ومن رشح اسمي وأثنى عليّ فهو بسبب حُسن الظن بي، أرجو قَبول اعتذاري عن ذلك".

ولم يأخذ الشيخ محمد زكريا مرتبًا على اشتغاله بالتدريس طول حياته، بل عمل طوال هذه المدة تطوعًا وتبرعًا، لم يأخذ أجرًا ولا جزاء، وقد ثبت أنه أخذ مرتبًا قليلًا في بداية حياته التدريسية من المدرسة، ثم قام بحساب هذا المبلغ ورده إلى المدرسة بمجموعه.

يقول العلَّامة أبو الحسن الندوي: بهذا الإيثار والتوكل وأسلوب

<<  <  ج: ص:  >  >>