للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قلت: ولا يبعد أن يقال: إن الإمام البخاري أشار به إلى مسألة خلافية، وهي هل يبدأ بالسلام ثم يستأذن أو بالعكس؟ قال النووي في "الأذكار" (١): والسُّنَّة أن يسلّم ثم يستأذن لحديث أبي داود وهو الصحيح، وذكر الماوردي فيه ثلاثة أوجه: أحدها: هذا، والثاني: عكسه، والثالث: إن وقع عين المستأذن على صاحب المنزل قبل دخوله قدّم السلام، وإن لم تقع عليه عينه قدّم الاستئذان، انتهى مختصرًا.

وإلى تقديم السلام مال الطحاوي في "مشكله" (٢)، ورجحه ابن القيم في "الهدي" (٣).

قوله: (خلق الله آدم على صورته. . .) إلخ، بسط الكلام في شرح هذا الحديث في "فيض الباري" (٤) وهامشه أشدّ البسط.

(٢ - باب {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتًا .. . .} [النور: ٢٧]) إلخ

تقدم في أول الكتاب أن هذه الآية هي الأصل في مسألة الاستئذان.

قال الحافظ (٥): المراد بالاستئناس في قوله تعالى: {حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا} [النور: ٢٧] الاستئذان بتنحنح ونحوه عند الجمهور، وقد تقدم في أواخر النكاح في حديث عمر الطويل في قصة اعتزال النبي - صلى الله عليه وسلم - نساءه وفيه: "فقلت: أستأنس يا رسول الله! قال: نعم"، وحكى الطحاوي أن الاستئناس في لغة اليمن الاستئذان، وجاء عن ابن عباس إنكار ذلك، فأخرج سعيد بن منصور والطبري والبيهقي في "الشعب" بسند صحيح أن ابن عباس كان يقرأ: (حَتَّى تَسْتَأْذِنُوا) ويقول: أخطأ الكاتب، وكان يقرأ على قراءة


(١) "كتاب الأذكار" (ص ٣٧٧، ٣٧٨).
(٢) "مشكل الآثار" (٤/ ٢٤٨).
(٣) "زاد المعاد" (٢/ ٤١٤).
(٤) "فيض الباري" (٦/ ١٨٧).
(٥) "فتح الباري" (١١/ ٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>