للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صحة الوقف على النفس وهو قول ابن أبي ليلى وأبي يوسف وأحمد في الأرجح عنه، وقال به من المالكية ابن شعبان، وجمهورهم على المنع إلا إذا استثنى لنفسه شيئًا يسيرًا بحيث لا يتهم أنه قصد حرمان ورثته، ومن الشافعية ابن سريج وطائفة، واستدل له بقصة عمر هذه، إلى آخر ما بسط.

وفي هامش "اللامع" (١): وفي "المغني" (٢): من وقف شيئًا فقد صارت منافعه جميعها للموقوف عليه، فلم يجز أن ينتفع بشيء منها، إلا أن يكون قد وقف شيئًا للمسلمين، فيدخل في جملتهم، مثل أن يقف مسجدًا، فله أن يصلي فيه، أو مقبرة فله الدفن فيها، أو بئرًا فله الاستقاء منها، لا نعلم في هذا كله خلافًا، وإذا اشترط في الوقف أن ينفق منه على نفسه، أو أهله صح الوقف والشرط، فذكر نحو ما تقدم في كلام الحافظ.

والأوجه عندي: أن ههنا مسألتين: إحداهما انتفاع الواقف من وقفه وهو مقصود هذا الباب، والثانية اشتراط الواقف لنفسه شيئًا وسيأتي في باب مستأنف قريبًا، وهو "باب إذا وقف أرضًا أو بئرًا أو اشترط لنفسه. . ." إلخ، وطالما التبستا على الشرَّاح فيذكرونهما واحدة، وميل البخاري إلى الجواز في كلتيهما.

(١٣ - باب إذا وقف شيئًا فلم يدفعه إلى غيره. . .) إلخ

قال الحافظ (٣): أي: صحيح وهو قول الجمهور، وعن مالك: لا يتم الوقف إلا بالقبض، وبه قال محمد بن الحسن والشافعي في قول، واحتج الطحاوي للصحة بأن الوقف شبجه بالعتق لاشتراكهما في أنهما تمليك لله تعالى فينفذ بالقول المجرد عن القبض، ويفارق الهبة في أنها تمليك الآدمي فلا تتم إلا بقبضه، واستدل البخاري في ذلك بقصة عمر فقال: لأن عمر


(١) هامش "اللامع" (٧/ ١٨٧).
(٢) "المغني" (٨/ ١٩١).
(٣) "فتح الباري" (٥/ ٣٨٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>