للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال القسطلاني (١): وغرض عكرمة أن الله ذمّ من كثّر سواد المشركين مع أنهم كانوا لا يريدون بقلوبهم موافقتهم فكذلك أنت لا تكثر سواد هذا الجيش وإن كنت لا تريد موافقتهم؛ لأنهم لا يقاتلون في سبيل الله، انتهى.

قال الحافظ بعد ذكر حديث الباب (٢): هكذا جاء في سبب نزولها، وعن ابن عباس عند ابن المنذر والطبري: كان قوم من أهل مكة قد أسلموا وكانوا يخفون الإسلام، فأخرجهم المشركون معهم يوم بدر فأصيب بعضهم، فقال المسلمون: هؤلاء كانوا مسلمين فأكرهوا فاستغفروا لهم، فنزلت، فكتبوا بها إلى من بقي بمكة منهم وأنهم لا عذر لهم، فخرجوا فلحقهم المشركون ففتنوهم فرجعوا، فنزلت: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ فَإِذَا أُوذِيَ فِي اللَّهِ جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ كَعَذَابِ اللَّهِ} [العنكبوت: ١٠] فكتب إليهم المسلمون بذلك فحزنوا فنزلت: {ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ هَاجَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا فُتِنُوا} الآية [النحل: ١١٠]، فكتبوا إليهم بذلك فخرجوا فلحقوهم فنجا من نجا وقتل من قتل، انتهى.

(٢٠ - باب قوله: {إلا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ} الآية [النساء: ٩٨])

ليس لفظ "باب" في نسخ الشروح الثلاثة، قال العلَّامة القسطلاني (٣): وفي بعض النسخ "باب" بالتنوين، أي في قوله تعالى: {إلا الْمُسْتَضْعَفِينَ} استثناء من قوله: {فَأُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيرًا} [النساء: ٩٧]، فيكون الاستثناء متصلًا كأنه قيل: فأولئك في جهنم إلا المستضعفين، والصحيح أنه منقطع لأن الضمير في {مَأْوَاهُمْ} عائد على {إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ} [النساء: ٩٧] وهؤلاء المتوفون إما كفارًا أو عصاة بالتخلف وهم قادرون على الهجرة فلم يندرج فيهم المستضعفون فكان منقطعًا، انتهى.


(١) "إرشاد الساري" (١٠/ ١٨٧).
(٢) "فتح الباري" (٨/ ٢٦٣).
(٣) "إرشاد الساري" (١٠/ ١٨٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>