للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: (وأما أول طعام. . .) إلخ، كتب الشيخ في "اللامع" (١): لا ينافيه ما ورد أن أول طعامهم الأرض تخبز لهم؛ لأن الأولية في إحديهما إضافية أو يقال: إنهما تؤكلان معًا، انتهى. وذكر في هامشه الكلام عليه.

[(٢ - باب الأرواح جنود مجندة. . .) إلخ]

قال الحافظ (٢): كذا ثبتت هذه الترجمة في معظم الروايات، وهي متعلقة بترجمة خلق آدم وذريته، للإشارة إلى إنهم ركبوا من الأجسام والأرواح، انتهى.

وعندي: بل لأن الأصل في الإنسان الأرواح، وأما معنى الحديث فقال الخطابي: يحتمل أن يكون إشارة إلى معنى التشاكل في الخير والشر والصلاح والفساد، وأن الخيِّر من الناس يحن إلى شكله، والشرير نظير ذلك يميل إلى نظيره، فتعارف الأرواح يقع بحسب الطباع التي جبلت عليها من خير وشر، فإذا اتفقت تعارفت، وإذا اختلفت تناكرت، ويحتمل أن يراد الإخبار عن بدء الخلق في حال الغيب على ما جاء أن الأرواح خلقت قبل الأجسام، وكانت تلتقي فتتشاءم، فلما حلَّت بالأجسام تعارفت بالأمر الأول، فصار تعارفها وتناكرها على ما سبق من العهد المتقدم، وقال غيره: المراد أن الأرواح أول ما خلقت خلقت على قسمين، ومعنى تقابلها أن الأجساد التي فيها الأرواح إذا التقت في الدنيا ائتلفت أو اختلفت على حسب ما خلقت عليه الأرواح في الدنيا إلى غير ذلك بالتعارف.

قال الحافظ (٣): ولا يعكر عليه أن بعض المتنافرين ربما ائتلفا؛ لأنه محمول على مبدأ التلاقي، فإنه يتعلق بأثر الخلقة (٤) بغير سبب، وأما في ثاني الحال فيكون مكتسبًا لتجدد وصف يقتضي الألفة بعد النفرة؛ كإيمان


(١) "لامع الدراري" (٨/ ٩).
(٢) "فتح الباري" (٦/ ٣٦٩).
(٣) "فتح الباري" (٦/ ٣٦٩ - ٣٧٠).
(٤) كذا في الأصل، وفي "الفتح": "بأصل الخلقة".

<<  <  ج: ص:  >  >>