للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الوقت كان وقت العبادة بالتلاوة، ولوكانوا يقدرون بغير العمل لقال مثلًا: قدر درجة أو ثلاث خمس ساعة، وقال ابن أبي جمرة: فيه إشارة إلى أن أوقاتهم كانت مستغرقة بالعبادة، وفيه تأخير السحور لكونه أبلغ في المقصود، إلى آخر ما في "الفتح" (١).

قلت: والأوجه عندي: أن الغرض من الترجمة الأولى جواز تعجيل السحور لتقريره عليه الصلاة والسلام، وفي هذا استحباب تأخيره وبيان منتهى التأخير، والله أعلم.

[(٢٠ - باب بركة السحور من غير إيجاب. . .) إلخ]

قال الزين بن المنيِّر: الاستدلال على الحكم إنما يفتقر إليه إذا ثبت الاختلاف أو كان متوقعًا، لكن لما جاء الأمر به احتاج أن يبين أنه ليس على ظاهره من الإيجاب.

قال الحافظ (٢): وقد نقل ابن المنذر الإجماع على ندبية السحور، وقال ابن بطال: في هذه الترجمة غفلة من البخاري؛ لأنه قد أخرج بعد هذا حديث أبي سعيد: "أيكم أراد أن يواصل فليواصل إلى السحر"، فجعل غاية الوصال السحر، وهو وقت السحور، قال: والمفسر يقضي على المجمل.

قال الحافظ: وقد تلقاه جماعة بعده بالتسليم، وتعقبه ابن المنيِّر في الحاشية بأن البخاري لم يترجم على عدم مشروعية السحور، وإنما ترجم على عدم إيجابه، وأخذ من الوصال أن السحور ليس بواجب، وحيث نهاهم النبي - صلى الله عليه وسلم - عن الوصال لم يكن على سبيل تحريم الوصال، وإنما هو نهي إرشاد لتعليله إياه بالإشفاق عليهم، وليس في ذلك إيجاب السحور، ولما ثبت أن النهي عن الوصال للكراهة، فضد نهي الكراهة الاستحباب، فثبت استحباب السحور، كذا قال.


(١) "فتح الباري" (٤/ ١٣٨).
(٢) "فتح الباري" (٤/ ١٣٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>