للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومنهم من ضبطه بتخفيف الصاد وهو الساعي، وكأنه يشير بذلك إلى التفويض إليه في اجتهاده لكونه يجري مجرى الوكيل فلا يتصرف بغير المصلحة فيتقيد بما تقتضيه القواعد، وهذا قول الشافعي في "البويطي"، ولفظه: ولا تؤخذ ذات عوار ولا تيس ولا هرمة إلا أن يرى المصدق أن ذلك أفضل للمساكين فيأخذه على النظر، انتهى. وهذا أشبه بقاعدة الشافعي في تناول الاستثناء جميع ما ذكر قبله، فلو كانت الغنم كلها معيبة مثلًا أو تيوسًا أجزأه أن يخرج منها.

وعن المالكية يلزم المالك أن يشتري شاة مجزئةً تمسكًا بظاهر هذا الحديث، وفي رواية أخرى عندهم كالأول، انتهى.

وبسط الكلام على هذا الاستثناء وما يتعلق به من مذاهب الأئمة في "الأوجز" (١).

[(٤٠ - باب أخذ العناق في الصدقة)]

كأن البخاري أشار بهذه الترجمة بعد الترجمة السابقة إلى جواز أخذ الصغيرة من الغنم في الصدقة؛ لأن الصغيرة لا عيب فيها سوى صغر السن فهي أولى أن تؤخذ من الهرمة إذا رأى الساعي ذلك، وهذا هو السر في اختيار لفظ الأخذ في الترجمة دون الإعطاء، وخالف في ذلك المالكية فقالوا: معناه كانوا يؤدون عنها ما يلزم أداؤه، وقال أبو حنيفة ومحمد، لا يؤدي عنها إلا من غيرها (٢)، انتهى.

قلت: ذكر في "هامش اللامع" (٣) ثلاثة مسائل مناسبة لهذا المقام، والثالثة منها: أنها إذا كانت كلها فصلانًا أو عجاجيل أو سخالًا، فقال العيني (٤): ليس فيها صدقة، وهذا آخر أقوال أبي حنيفة، وبه قال محمد والثوري وداود. وقال زفر ومالك: يجب فيها ما يجب في الكبار. وقال الشافعي: في الجديد: يجب واحدة منها، وبه قال أبو يوسف وأحمد.


(١) انظر: "أوجز المسالك" (٥/ ٦٧٧).
(٢) انظر: "فتح الباري" (٣/ ٣٢٣).
(٣) انظر: "لامع الدراري" (٥/ ٥٨).
(٤) "عمدة القاري" (٦/ ٤٥٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>